ظاهرة الإرجاء تبرر كل مفسدة عقدية وتحرف الدين لصالح الطواغيت والمتطرفين في سوريا

يجب أن نقول منذ البداية إن المرجئة ليست على الحق مع كل تفريطها وفتحها أبواب المفاسد العقائدية والسلوكية وكذلك ليس المتطرفون الذين أظهروا أنفسهم في مواجهته على الحق. يكون كلا الفريقين فتنة وبلاء على أهل الدعوة والجهاد بشكل خاص وعلى الأمة الإسلامية بشكل عام.

يقول الطريفي فرج الله عنه في كتاب المغربية: المُرجِئةُ أشَدُّ خطَرًا وأثَرًا على الإسلامِ مِن الخوارجِ في البلاد، والخوارجُ أشَدُّ عليه مِن المُرجِئةِ في مواضعِ الجهاد؛ لأنَّهم يقدِّمونَ قتالَ المسلِمينَ في زمَنِ شِدَّةِ الحاجةِ بصدِّ عادِيَةِ الكافِرِين، ويُعِينُونَ -وإنْ لم يشعُرُوا- الكُفَّارَ على الإسلامِ مِن خارِجِه، والمُرجِئةُ عليه مِن داخِلِه، وبفعلِ الخوارجِ ذلك يتخلَّلُ الكفرُ والبِدْعةُ مِن خلالِ ثغورٍ شَغَلُوا المسلِمِينَ عن حِمَايَتِها، وربَّما أعانَهم الكُفَّارُ على المسلِمِينَ خديعةً بما يتوهَّمونه غنيمةً ونصرًا.

إذن نقول بوضوح إن الإرجاء والخوارج كلاهما فتنة في الأمة الإسلامية وكلاهما ألحقا ضررًا بالدين والأمة ولكن تحريف المفاهيم وتبديل العناوين نفسه فتنة أكبر.

الأول: ليس تنظيم الدولة (داعش) خارجياً بمعناه الشرعي والتاريخي على الرغم من أن العلماء المقيمين في دار الكفر الأصلية والطارئة والجماعات المختلفة الأخرى استخدموا عبارة الخوارج لتوجيه التهم إلى تنظيم الدولة لتبرير جرائمهم وعمالتهم للكفار المحاربين والمحتلين الأجانب والمرتدين.
إن للخوارج عقائد وأصولاً ومنهجاً عقائدياً وفكرياً تاريخياً محدداً، منها:

1. الخروج على الإمام الحق الحاكم على دار الإسلام. 2.تكفير أهل القبلة بسبب الكبائر وغير ذلك من الأمور المتعلقة بعقائد الخوارج في كتب الفقه المختلفة لأهل السنة والجماعة.

مع ذلك، كان هؤلاء يحملون هذه العقائد الفكرية ولكنهم لم يحملوا السلاح ضد الإمام الحق الحاكم على دار الإسلام. فإنهم يرحب بهم كفكر مخالف في دار الإسلام وإن كان الحاكم علي بن أبي طالب رضي الله عنه من العشرة المبشرين بالجنة ويكفرونه علنًا ولا تُستخدم عبارة الخوارج إلا عندما يخرجون عن الحكم في دار الإسلام ويتمردون على الإمام الحق في دار الإسلام. بينما لم يتشكل تنظيم الدولة على هذا المنهج، بل من الناحية الفكرية والعقائدية، هو مثل كل الشيوخ مثل عبد الرزاق المهدي والشاشو وغيرهم في إنجلترا وكندا والأردن الذين أصدروا فتوى بأنهم خوارج والفرق الوحيد هو جبهتهم.

يؤكد كلهم في الأغلبية المطلقة لمنهجهم الفكري على منهج محمد بن عبد الوهاب النجدي مع الفرق أن تنظيم الدولة أصدق في هذا الادعاء من الآخرين ويمكن القول إن في المجالات التي يدعي تنظيم الدولة اتباع أفكار الدعوة النجدية، فإن تنظيم الدولة هو شيخ محمد بن عبد الوهاب في عصرنا الحاضر.

هل كان أبو محمد الجولاني والهيئة الشرعية منذ البداية حتى تسليم دمشق لهم شيئًا آخر غير ذلك؟ لم ترَ قط صوفيًا أو حنفيًا أو شافعيًا بينهم، بل كلهم يعتبرون أنفسهم تابعين للدعوة النجدية التي بدأت مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

تتهم اليوم عصابة الجولاني تنظيم الدولة بالخروج. فهو لمجرد الخداع وتبرير انحرافاتهم وجرائمهم وتكون تهمة خروج المعارضين حيلة الحكومات العلمانية المعينة وأسيادها الكفار المحاربين والمحتلين الأجانب.

إذن يجب أن ندرك أن الجولاني، على الرغم من أنه نتاج هذا السياق الفكري الذي يستمر تنظيم الدولة فيه بصدق، إلا أن الجولاني مشروع أمني وسياسي للكفار المحاربين الأجانب والمرتدين في سوريا وتحول تنظيم الدولة أيضًا بتطرفه وغلوه تجاه أهل القبلة بغير قصد، إلى مشروع الأعداء ضد أهل الدعوة والجهاد ويجب أن يقول مرة واحدة إلى الأبد كفى ويعود إلى طريق أهل السنة والجماعة الصحيح في الاتحاد مع أهل القبلة، بل حتى الاتحاد مع كل أعداء الكفار المحاربين والمحتلين الأجانب بقيادة أمريكا والنيتو في سوريا.

كاتب: أبو أسامة الشامي