
اهتمام وسائل الإعلام بالجولاني في أنطاليا: تكرار لتاريخ تناقض ازدواجية المعايير الغربية
اهتم العديد من وسائل الإعلام بالجولاني في اجتماع رؤساء الدول المختلفة في أنطاليا وكلها تنتمي إلى دول اعتبرت في الماضي القريب الجولاني إرهابياً وعدّته تهديدا أمنيا للعالم.
نعلم جميعا لا تختلف منذ البداية حتى الآن أفكار الجولاني أو الهيئة الشرعية لهيئة تحرير الشام عن منهج تنظيم الدولة (داعش)، لأنهم انشقوا عن تنظيم الدولة. أما إذا قاتل هؤلاء الأشخاص ضد روسيا وبشار الأسد وحلفائه وخدموا مصالح الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، فسوف يتسامح معهم الغرب ويتسلمون السلطة في حالات مماثلة للجولاني. أما إذا قاتل هؤلاء الأشخاص الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والدول الغربية بنفس التفكير، فتعتبرهم هذه الدول إرهابيين يجب ضربهم.
يعد أمثال الجولاني مجرد أداة للغرب ويمكن تهميشهم والتخلي عنهم في أية لحظة، وكان هذا هو الموقف القديم للغرب ضد هذه الجماعات وهو ما أظهرته تركيا اليوم في قالب مسرحية سياسية، تشبه مسرحية الولايات المتحدة السياسة حيث احتفظت برباني ثم بكرزاي في أفغانستان وشريف شيخ أحمد في الصومال وللعملاء الآخرين في بلاد إسلامية أخرى.
يحمل الغرب موقفاً متناقضاً ومزدوجاً تجاه الجماعات الجهادية. يقول الشيخ أحمد موسى جبريل، أحد المنظرين الجهاديين:
“عندما أشادت الولايات المتحدة بالحرب ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان ووافقت عليها، كانت الفتاوى الداعمة للجهاد تتساقط مثل المطر من السماء وكانت الخطب في المساجد تؤثر على الناس للمشاركة في الجهاد وكانت الأموال تجمع بحرية للجهاد والمجاهدين ولو كنت تذهب إلى أي شركة طيران سعودية وتقول: أريد أن أذهب إلى باكستان للذهاب إلى أفغانستان للجهاد، لحصلت على التذاكر بنصف السعر وكسبت خصما بنسبة 50٪
وإذا عاد المقاتل من أفغانستان لزيارة عائلته فكان بطلا، لأن الولايات المتحدة أشادت به ولكن إذا لم توافق الولايات المتحدة على الحرب، فإن فتاواهم تؤكد: أن هذه الحرب فتنة، فابتعد عنهم، لأنهم خوارج ويجعلون الأمة تخاف منهم. إن الأمثلة على خيانتهم لكثيرة.
والحقيقة أن الغرب العلماني لا يفكر إلا في مصالحه الخاصة ويحتفظ بأقذر الحكام مثل حكام آل سعود والإمارات ومصر وباكستان وغيرها لحماية مصالحه ولا يهتم على الإطلاق بماضيهم وسجلهم.
إن وجود كاميرات مختلفة في مدينة أنطاليا التركية أظهر لنا مرة أخرى هذه السياسة القديمة للغرب.
الكاتب: أبو سعد الحمصي