أيها المناصرون للجولاني، لا تصبحوا أوتاد فرعون بسبب شبهات أمثال بلعام بن باعوراء

لا تمت العقيدة التي تسمي الجهاد ضد المحتلين الكفار بالمفسدة الكبرى وتبرر بقاء المحتلين الكفار المحاربين بـالمصلحة أو دفع المفسدة، للشريعة بصلة والتي أنزلها الله على آخر أنبيائه وهذا الكلام ليس من القرآن ولا من السنة ولا من فهم أئمة أهل السنة والجماعة.

تؤكد الشريعة التي أنزلها الله تعالى إن الجهاد ضد الكافر المحتل الأجنبي فرض عين وتأمر بالجهاد ضد الكفار في أراضيهم: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (الأنفال: 39)، وتخاطب الذين يتهاونون في تنفيذ هذا الأمر الله بخطاب شديد: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} (النساء: 75).

كان الكفار في جميع الغزوات والسرايا التي جرت في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعدا غزوة الحديبية أقوى عددًا وعدة عسكرية وأسلحة من المؤمنين. فلم يرد في أي من هذه الأحكام والآيات أن الجهاد يُعطل إذا كان العدو قويًا أو إذا كان الجهاد مكلفًا أو إذا كان المحتل قوة عظمى.

ليس الانتساب إلى أهل السنة معيار شرعية حكم علماني معين إذا قلنا إن قوات هذا الحكم مسلمون عند الولادة ومنتسبون إلى أهل السنة. فيعدّ كل ما يفعلونه مشروعاً وتعد كل معارضة مفسدة. فعلينا أن نسأل: أليس الحكام الطواغيت الذين عينتهم الولايات المتحدة الأمريكية في الدول الإسلامية الأخرى من الذين ينتمون إلى أهل السنة.

ألم يكن في سوريا زمن حكم بشار الأسد نحو 90% من هيكل النظام من المفتي إلى رئيس هيئة العلماء إلى الوزير والجنرال والجنود العاديين وموظفي الإدارات من المسلمين عند الولادة وكانت الأغلبية المطلقة منهم من أهل السنة والجماعة؟

فلا يضمن الانتساب إلى أهل السنة شرعية تعطيل شريعة الله والتحالف مع الكفر والتحول إلى جنود للكفار المحتلين ضد المؤمنين التمسكين بالشريعة. تقول شريعة الله لنا إن تولي الكفار خط أحمر في الإسلام: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (المائدة: 51).

يخرج التعاون والولاية والتوافق مع الكفار المحتلين ضد المؤمنين وإن كانوا مسلمين عند الولادة الشخص من دائرة الإسلام. إذن يجب على جنود الجولاني أن لا يتحولوا إلى أوتاد لفرعون سوريا الجديد في هذه الجريمة الكبيرة مع{وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ} (الفجر: 12). نعم! كان فرعون صاحب الأوتاد والأعمدة وأطاعه جنوده وعززوا سلطته كالأوتاد والأعمدة وهذه عبرة لمن يتعاون مع القادة الذين أنتجهم الكفار ويدعم سلطة المحتلين أي وإن كانوا مسلمين، فالتساهل والتعاون مع العدو لتعطيل شريعة الله وبيع استقلال البلاد والحرب ضد المؤمنين والأحرار، هو كالأعمدة لسلطة فرعون ويُعتبر مساهمة في الجريمة.

فليعلم الجميع أن الجهاد ضد الكافر المحارب المحتل ليس مفسدة بل فرض عين شرعي، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “وأما قتال الدفع فهو أشدُّ أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين واجبٌ إجماعًا، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط -كالزاد والراحلة- بل يدفع بحسب الإمكان، وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم”.

ويقول ابن عابدين: “وفرضُ عينٍ إن هجم العدو على ثغر من ثغور الإسلام فيصير فرضَ عين على مَن قرُب منه، فأما مَن وراءهم ببعد من العدو فهو فرض كفاية إذا لم يُحتج إليهم، فإن احتيج إليهم بأن عجز مَن كان بقرب العدو عن المقاومة مع العدو أو لم يعجزوا عنها ولكنهم تكاسلوا ولم يجاهدوا فإنه يفترض على مَن يليهم فرض عين كالصلاة والصوم لا يسعهم تركه، وثم إلى أن يفترض على جميع أهل الإسلام شرقًا وغربًا على هذا التدريج”.

فليس الانتساب إلى أهل السنة إذنًا بالعمالة للكفار المحتلين وعملائهم وكما أنه ممنوع على الفرق الأخرى، فجريمته لأهل السنة والجماعة أكبر والتعاون والعمالة للكفار المحاربين المحتلين الأجانب ضد المؤمنين وأهل الدعوة والجهاد والأحرار، لا يُبرر بأي تأويل ومن يتحالف مع المحتلين الكفار المحاربين الأجانب وعملائهم، يعمل كأوتاد سلطة فرعون.

ألا تخاف على إيمانك ويوم الحساب من أن تؤدي هذه المهمة الخطرة إلى جانب عصابة الجولاني وغيرهم من العملاء في إفساد دنياك وآخرتك، إذا كنت تقدر إيمانك ويوم قيامتك؟

كاتب: أبو أسامة الشامي