تسريب جديد: الولايات المتحدة الأمريكية ترسم مخططًا لزرع الفتنة في الاتحاد الأوروبي (1)

تحولت مسودة استراتيجية الأمن القومي (NSS) التي سربتها إدارة دونالد ترامب إلى قنبلة حقيقية بالنسبة للاتحاد الأوروبي.

تقترح هذه الوثيقة وفقًا لتقرير نشرته مجلة Defense One الأمريكية في 10 ديسمبر، خطوات أساسية لإضعاف الاتحاد الأوروبي: إقناع النمسا وهنغاريا وإيطاليا وبولندا بالابتعاد عن بروكسل أو الخروج من الاتحاد الأوروبي تحت مبادرة «اجعلوا أوروبا عظيمة مجددًا». ينفي البيت الأبيض نفيًا قاطعًا وجود هذا المخطط ويصف هذا التسريب بـأخبار مزيفة ملفقة. مع ذلك، فقد اندلعت موجة غضب في أوروبا مسبقًا من برلين إلى وارسو حيث يتهم الساسة الأوروبيون واشنطن بالتدخل في شؤون القارة ويؤكدون على تهديد وحدة الاتحاد الأوروبي وسط التحديات المتزايدة من روسيا والصين.

يأتي هذا الحدث بعد أسبوع واحد فقط من نشر الوثيقة الرسمية المكونة من 33 صفحة لاستراتيجية الأمن القومي في 4 ديسمبر والتي أثارت جدلاً واسعًا بسبب انتقاداتها الحادة لأوروبا من المحو الحضاري بسبب سياسات الهجرة إلى الشكوك حول مصداقية الحلفاء. تكشف النسخة الكاملة التي يُقال إنها تم تداولها في دوائر محدودة قبل النشر عن مخطط أكثر طموحًا.

يقوم مركز القوقاز في هذا المقال بتحليل النقاط الرئيسية لهذا التسريب وردود الأفعال من الأطراف والخلفية التاريخية والتداعيات المحتملة على أوروبا، مستندًا إلى مصادر مفتوحة وتحليلات.

خلاصة التسريب: من انتقاد الاتحاد الأوروبي إلى المخطط المتفرع

وفقًا لـDefense One، تشمل النسخة الموسعة لاستراتيجية الولايات المتحدة فصلًا بعنوان اجعلوا أوروبا عظيمة مجددًا يقترح فيه البيت الأبيض تغيير اتجاه السياسة الخارجية من الاتحاد الأوروبي ككتلة واحدة إلى التعامل مع دول تحالف فردية ذات رؤى محتملة أي الحكومات اليمينية والمحافظة. تُعد النمسا وهنغاريا وإيطاليا وبولندا شركاء يجب على واشنطن التعاون معهم بشكل أوثق بهدف إبعادهم عن الاتحاد الأوروبي.

تؤكد الوثيقة على دعم الأحزاب والحركات والشخصيات الفكرية التي تسعى إلى السيادة والحفاظ على إحياء أنماط الحياة الأوروبية التقليدية بشرط أن تكون موالية للولايات المتحدة الأمريكية.

ليس هذا مجرد مناورة دبلوماسية بل إن الوثيقة المسربة تشير إلى تحول استراتيجي من التوسع الدائم للنيتو إلى سحب تدريجي للقوات الأمريكية من أوروبا مع مطالبة الحلفاء الأوروبيين بتقليل اعتمادهم على الولايات المتحدة.

بدلاً من ذلك، التركيز على النصف الغربي من الكرة الأرضية والمنافسة مع الصين كما تنتقد الوثيقة الاتحاد الأوروبي بسبب رقابة حرية التعبير والهجرة التي ستؤدي إلى جعل أوروبا غير قابلة للتعرف في غضون 20 عامًا أو أقل.

بالإضافة إلى ذلك، تقترح الوثيقة إنشاء (C5أي نادياً نخبوياً لـالقوى العظمى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند واليابان كبديل عن مجموعة السبع وهو إجراء صدم الحلفاء. يشير المحللون إلى أن هذه الفكرة تكرر خطابات ترامب في فترة رئاسته الأولى أي انتقاد بيروقراطية بروكسل والتعاطف مع الشعبويين مثل فيكتور أوربان.

كتبت صحيفة تلغراف: هذا ليس تسريباً، بل إشارة أي يريد ترامب إعادة تشكيل أوروبا حسب رغبته وقد أثار هذا الموضوع نقاشات في الإعلام من نظريات المؤامرة عن إضعاف أوروبا لصالح بوتين إلى التأييد باعتباره فرصة للسيادة.

البيت الأبيض ينفي: أخبار مزيفة من المعارضين

كان رد فعل واشنطن سريعًا. قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي لـDefense One: إنه لا توجد نسخة بديلة أو خاصة أو سرية. الرئيس ترامب واضح وقد وقّع على استراتيجية أمن قومي واحدة فقط توجه الحكومة بوضوح لتنفيذ مبادئه.

ومع ذلك، يذكّر هذا الوضع بفضائح مثل مشروع 2025 الذي وصفه ترامب أيضًا بـأخبار مزيفة. يرى النقاد في هذا النفي خدعة كلاسيكية: إذا كانت أخبارًا مزيفة، فلماذا هي تكون دقيقة وتأتي في توقيتها؟ يعلق المراقبون ويتهمون الولايات المتحدة بـخيانة أوروبا لصالح بوتين.

جاء هذا التسريب رغم النفي بالتزامن مع زيارة مستشاري الأمن للرئيس البولندي كارول نافروكي الحليف المقرب من ترامب إلى واشنطن.

تشير مذكرات من بولندا تؤكد على أن المحادثات كانت تتعلق تحديدًا بالنسخة الجديدة من الاستراتيجية الأمريكية إلى أن هذا ليس صدفة.

يعتقد محللو مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) أن الوثيقة قد تكون مسودة عمل سربها أشخاص معارضون داخل الجهاز سخطوا عن ليونة النسخة الرسمية.

كاتب: أبو عامر (خالد الحموي)