
خلاصة أهم دروس التجربة الجهادية المعاصرة في الجزائر..
كنت قد قرأت فيما قرأت من الكتب التي عنيت بدراسة حروب العصابات ومدارسها , وطرق مكافحة العصابات والمدارس المتعددة في ذلك أيضا. عن طريقة استخدمتها الإستخبارات الألمانية (الجستابو) ضد عصابات المقاومة التي قاتلت الألمان المحتلين ,أيام احتلال جيوش (هتلر) للعديد من الدول الأوربية… وخلاصة تلك الطريقة هي صناعة قادة مزيفين ومجموعات مقاومة تدير الإستخبارات الألمانية قيادتها , وتسلط الدعاية والإعلام عليها حتى تشتهر. ولو كلف ذلك تحمل الجيش الألماني لبعض الخسائر في سبيل شهرة تلك المجموعات المقاومة المصطنعة. وعندما تكبر تلك المجموعات ويشتهر قياداتها وأبطالها المصطنعين. تبدأ الإستخبارات في فرض وجودهم على المجموعات المقاومة الحقيقية , وتفتيت صفوفها أو اختراقها من قبل القيادات المصطنعة تحت دعاوى ضرورة توحيد الفصائل أو تنسيق أعمالها وتعاونها .. , كما تستخدمها في نزاعات داخلية بين فصائل المقاومة ..
وقد قرأت عن نماذج لتلك الأعمال الإستخبارية قام بها الألمان ضد المقاومة الفرنسية قبيل حسم الحرب العالمية الثانية. كما قرأت – فيما أذكر- عن تطوير الإستخبارات الفرنسية لهذه الأساليب الإستخبارية في مقاومة العصابات. إبان صراعها ضد أعمال الجهاد وحركات المقاومة الجزائرية. وهو ما أسماه الفرنسيون أسلوب (الثورة المضادة) [ La revolution contraire ] .
وخلاصته أيضا صناعة قيادات ثورية عملت فرنسا على إكسابها الشعبية ثم فرض وجودها على الجماهير لتعمل في النهاية لصالح فرنسا. إما بتصفية المقاومة الحقيقية واغتيال رجالها , أو في تولي أمر البلاد وعقد اتفاقيات الإستقلال الذي قيد تلك المستعمرات بما فيه صالح فرنسا وإدخالها في مرحلة الإستعمار الحديث. وهذا الذي حصل في النهاية بعد ثورة المليون شهيد في الجزائر واستلام حزب جبهة التحرير الوطني الحكم بموجب اتفاقات (إيفيان) الشهيرة بين فرنسا والثوار سنة (1963م) وكنت أحتفظ ببعض الاتفاقية وفيها أسس ربط الجزائر بفرنسا لمرحلة الإستعمار الحديث وثم تولت الحكومة تصفية الإسلام والإسلاميين في الجزائر , وتولت إعادتها إلى أحضان فرنسا ثم أمريكا اليوم .. وكما حصل في غيرها من تسليم البلاد بعد ثورات الجهاد إلى العلمانيين , أفراخ الإستعمار عمليا وواقعيا في معظم أو كل بلاد العالم الإسلامي , وربما العالم الثالث.
ثم لما واكبت الثورة الجهادية الأخيرة التي أدون هذه الشهادة عنها الآن. رأيت في تفاصيلها بصمات (الثورة المضادة) , والمدرسة الفرنسية في مكافحة العصابات. ورأيت في (أمين) و (الزوابري) نسخة لما قرأت عنه .. وأظن أن فيما مضي من المعلومات ما يشهد على ذلك ويوضحه.
بقلم: أبو مصعب السوري – تقبله الله – في كتاب ( خلاصة شهادتي على الجهاد في الجزائر)