
وجود الكفار الذميين في سوريا وتحكيم شريعة الله (1)
عندما تعترف حكومة دار الإسلام وفقا لقوانين الشريعة الإسلامية بحقوق الكفار الذميين الفردية والاجتماعية في أمور محددة بناء على معتقداتهم، فإن أحد أهم هذه الحقوق هو العدالة القضائية وإقامة الدعوى.
لذلك فإن السلطات القضائية في دار الإسلام للتعامل مع الشكاوى ليست سوية لأن هناك حقوقا مختلفة “في بعض الحالات” لكل من كفار أهل الذمة لا تشبه حقوق الآخرين وبالنسبة للمسلمين الحق شيء آخر.
فعلى سبيل المثال لا يحق للمسلم الاحتفاظ بالأشياء المحرمة وشرائها وبيعها ولكن الذمي له هذه الحقوق لأنه لا يؤمن تحريمها. (جصاص، أحمد بن علي، أحکام القرآن، بیروت، دار الکهب العلمیة، ط: الأولى، 1415، ج4، ص89) وإذا كان لديهم نزاع في هذا المجال وقضايا مماثلة واحتاجوا إلى تحقيق قضائي، فيجب التعامل مع شكاواهم بناء على معتقداتهم لأنه لا يوجد حكم على الإطلاق في شريعة الله تعالى في هذه المجالات المحددة، أو إن حكم شريعة الله تعالى يتناقض جوهريا مع ما هو موجود بين هؤلاء الكفار من أهل الذمة وقد نزل حكم الله تعالى عن رفض هذه الأحكام.
بالإضافة إلى ذلك وفي حالات أخرى لا يتعلق الأمر بالحكم على الدرع المسروقة وذهاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع يهودي إلى القاضي شريح بن الحارث الكندي وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنذاك خليفة إن تحديد من هو اللص أو الزاني أو السكير أو القاتل يختلف عن حكم اللص والزاني والسكير والقاتل. فعلى سبيل المثال ما هو حكمه عند اليهودية أو المسيحية أو المجوس أو شريعة خاتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ وذلك لأن الإسلام في دار الإسلام قد قبل لنفسه أمن الإيمان والعمل والحكم وفقا لقوانين أهل الذمة فيأخذ منهم الجزية لتوفير الأمن.
يقول الله تعالی: “فَإِن جَآؤُوکَ فَاحْکُم بَیْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ (مائده/42)” لأن التحكيم ليس تحديد الجاني فحسب بل هو إصدار الحكم كذل فلا يمكن إكراه الكفار من أهل الذمة أو على قبول الأحكام الإسلامية.
أما إذا جاء هؤلاء الكفار من أهل الذمة او المعاهدين إلى المسلمين للحكم في مثل هذه الأحوال فيمكن للمسلمين أن يقبلوا أو يرفضوا الحكم بينهم ويحيلونهم إلى أحكام الشريعة وتفاصيل دينهم والقاضي العالم بدينهم.
يقول القرطبي: إن المذاهب الأربعة على هذا الرأي (القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحکام القرآن، القاهرة، دار الکتب المصریة، ط: الثانیة ،1384 ، ج6، صص185-184)
يقول جصاص: إن حسن البصري والشعبي على هذا الرأي (جصاص، أحمد بن علي، أحکام القرآن، ج4،صص88-87 )
يقول الله سبحانه وتعالى : قُلْ یَا أَهْلَ الْکِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَیْءٍ حَتَّىَ تُقِیمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِیلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَیْکُم مِّن رَّبِّکُمْ (مائده/68)
لذلك، فإن اليهودي الذي لا يحكم وفقا للتوراة أو قانون الشريعة الإسلامية لا يعتبر شيئا بل هو علماني لا قيمة له مثل الكيان الصهيوني أو المسيحي الذي لا يحكم وفقاً للمصادر المقبولة في المسيحية أو وفقاً للشريعة النبوية صلى الله عليه وسلم، فلا قيمة له لأنه علماني. وهذا لمن يعتبر اليوم اليهودي والمسيحي والمسلم عند الولادة يهودياً ومسيحياً أو مسلماً . إن تكييف المسلمين مع هؤلاء العلمانيين أمر مهم للغاية ويضع حدا لهذا الخطأ الجسيم.
الكاتب: أبو عامر