
احتواء الأفكار الثابتة الذي تنويه التيارات المزيفة
لماذا يصف الغرب الجماعات الإسلامية تثبت في طريقها بأنها تيار إرهابي ولكنه يحاول أن يدعم التيارات المزيفة؟ على سبيل المثال، صنفت الولايات المتحدة أو الدول الغربية جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية ولكنها تعترف بحكومة أردوغان أو الحكومة السورية وتقيم علاقات سياسية واقتصادية وأمنية واسعة معهما وهي ترى أن الحكومتين التركية والسورية ذات طابع إخواني؟
الإجابة هي:
يصف الغرب جماعة الإخوان المسلمين بأنها منظمة إرهابية لأسباب سياسية وأمنية لتهميشها وتغييبها عن مسرح المنافسات الأيديولوجية والفكرية. ينبع هذا النهج من أن التيارات الراسخة التابعة للإخوان المسلمين تعتبر تهديداً خطيراً للسلطة الغربية بسبب تمسكها بالفكر الإسلامي المستقل والشعبي . تستطيع هذه الحركات التي تعتمد على القاعدة الاجتماعية الواسعة والبرامج السياسية المستقلة خلق نماذج للحكم تتحدى للإطار الذي صممتها الدول الغربية.
يعترف كذلك الغرب ببعض الدول مثل تركيا ويتعاون معها وإن كانت لديها ميول إخوانية. يعكس هذا التباين الواضح الاختلاف في المصالح الاستراتيجية للغرب. تتبع بعض الحكومات مثل الحكومة التركية أو بعض الجماعات مثل نظام الجولاني السياسات الغربية في النظام العالمي على الرغم من القواسم المشتركة الأيديولوجية مع الإخوان المسلمين. إذن حولتهم هذه السمة إلى نسخة بديلة يمكن التحكم بها واستخدامها كبديل للتيارات الثابتة.
يحاول الغرب عبر دعم الفروع المزيفة والجماعات الإسلامية البديلة مثل إخوان سوريا أو هيئة تحرير الشام احتواء التيارات الخالصة وتوجيه التطورات الإقليمية. تعمل هذه الجماعات كأداة تضعف الحكومات المقاومة أو تبرر التدخلات الخارجية. إن السياسات الغربية المزدوجة في هذا الصعيد واضحة حيث يصنف الغرب جماعة الإخوان المسلمين الحقيقية على أنها جماعة إرهابية ومن ناحية أخرى، يدعم التيارات التي تخدم مصالحه ويقدم لها الدعم السياسي والاقتصادي وأطلقت هذه الجماعات على نفسها اسم الإخوان.
إذن يمكن تحليل السر الذي يكمن في رفع العقوبات عن هيئة تحرير الشام في سوريا في هذا السياق. تتحالف هذه الجماعة مع الغرب من خلال تقديم نسخة ليبرالية من الإسلام ولكنها تتظاهر بالإسلام. دفع الموقف المزدوج للغرب تجاه الجولاني وأمثاله بعض الجماعات المماثلة إلى محاكاة هذا النموذج. استقطبت هذه الظاهرة بعض القوى إلى هذه الجماعات من جهة ومن جهة أخرى حالت دون نشر الفكر الإخواني الراسخ المناطق الإسلامية. فينتج من هذه العملية خلق نسخة ضعيفة من الجماعات الخالصة يمكن السيطرة عليها وتخدم الأهداف الاستعمارية للغرب.
الكاتب: أبو أنس الشامي