
التمثيل في سيناريو الجولاني أم البراءة منه؟
على الرغم من أن المؤمنين مثل النجاشي خارج دار الإسلام يمكنهم التقدم إلى مستوى قيادة كفار أهل الكتاب، إلا أنهم لا يستطيعون تحت أي ظرف من الظروف أن يكونوا حاضرين في حكم المشركين (العلمانيين) سواء قبل أو بعد قيام دار الإسلام.
كان حكم مشركين مكة عبارة عن حكومة علمانية مؤيدة للديمقراطية لها مجلسها الاستشاري الخاص المسمى دار الندوة، حيث تم اتخاذ وصياغة قرارات وقوانين هامة.
يقول الله سبحانه وتعالى عما يتعلق بمسألة ضمان الأمن والرفاهية الاقتصادية، إنه في هذا المجتمع العلماني الديمقراطي كان “أَطعَمَهُم مِن جوعٍ ” و” آمَنَهُم مِن خَوفٍ ” ولكن الأسلوب الوحيد في مجابهة نظام حكم العلمانيين أو المشركين هو المنهج الثوري. فالسير في طريق الإصلاح والألعاب السياسية المشتركة للديمقراطيين هو السير في اتجاه انحراف المسلمين وخداعم والمساعدة في إطالة عمر العلمانيين.
إن أي نوع من المؤامرة والطبيع مثل ما ارتكبه المجلس الشعبي التركستاني في مدينة قوقان بوادي فرغانة بأوزبكستان عام 1336 ه، أو مثل ما ارتكبه المفوض الإسلامي المركزي في مدينة قازان بتتارستان في رمضان عام 1336ه، أو مثل ما فعلته الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائري بين عامي 1390ه ورجب 1412ه، أو مثل ما فعله حزب مرسي في مصر أو الغنوشي في تونس أو ما يفعله الآخرون في جميع أنحاء العالم، لن يؤدي أبدا إلى ثني هؤلاء العلمانيين عن السياسة العامة للقضاء على أولئك الذين يدعون أنهم يريدون تحكيم قوانين الشريعة الإسلامية ولا ترضى الأحزاب أو العلمانيون إلا بإزالة قوانين الشريعة من الشؤون الحكومية والشؤون التنفيذية للمجتمع.
إن بدأت عملية الجولاني تستقطب المؤمنين إلى ألاعيب الإصلاح في حكومة علمانية وليبرالية، يمنح فيها المؤمنون مزيدا من الحرية أولا، وبعد تطبيق عملية علمنة المجتمع، يتحرك المجتمع تدريجيا نحو أن يصبح أكثر علمانية ثم تحدّ الحكومة من حريات المؤمنين تدريجيا بل وتلغي هذه الحريات لهم.
يجب على أهل الدعوة والجهاد في سوريا أن يعرفوا مبدأ المسلمين وهو التبرؤ من العلمانيين والأحزاب وعدم الإيمان بالأحزاب والعلمانيين وقبل كل شيء من أنفسهم وبعد ذلك البراءة من معتقداتهم: ” إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ (ممتحنه/4).
تعني البراءة من مختلف الأحزاب العلمانية البراءة من جميع مؤسساتها الإدارية والحكومية مثل: البراءة من البرلمان ودار الندوة حيث كان عمر بن الخطاب حاضرا في برلمان أحزاب مكة كممثل عن قبيلة بني عدي، وبالإضافة إلى ذلك، كان مسؤولا أيضا عن مهام سفير قريش ووزير خارجيته، ولم يدخل هذا البرلمان بعد اعتناقه الإسلام ولم يحضره) أو البراءة من أن يصبح حاكما وسلطانا وقائدا للعلمانيين وفقا للقوانين العلمانية (مثل ما اقترحه المشركون على النبي صلى الله عليه وسلم). (الطبقات الکبری، ج 4، ص 100; أنساب الأشراف، ج 1، ص 231; السیرة النبوية لابن هشام، ج 1، ص 298ص 265 .تاریخ الطبري، ج 2، ص 67)
يجب على المؤمنين الشرفاء الآن أن يتخذوا قرارهم بأنفسهم: عندما لا يعلن الجولاني السيادة الإسلامية وتطبيق قوانين الشريعة الإسلامية ولاتزال القوانين العلمانية الكافرة قيد التنفيذ ، فهل سيمثلون دورا في سيناريو أسياد الجولاني ، أم إنهم سيمضون وفقا للمنهج الإسلامي الصحيح لسلوك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لإكمال الجهاد والثورة حتى الوصول إلى الحكم الإسلامي؟
الكاتب: أبو عامر