
هل تحكيم الشريعة يرتبط بإرادة الشعب أم …؟
قال أحمد الشرع (الجولاني) في مقابلة مع مجلة الإيكونوميست إن قضية تحكيم الشريعة الإسلامية هي مسألة تخص الشعب!
هذا الكلام تعريف بسيط لـ”الإنسانية” أو التمحور حول الإنسان وهو أساس العلمانية التي لا يمكن أن تمضي قدما إلا بتعدد أحزابها المختلفة وعملية ديمقراطية وتصويت أغلبية الشعب.
لقد قدم الإسلام للعالم العكس تماما، أي أنه بدلا من مركزية الإنسان، وضع الله مركزا إذا قال جميع الناس شيئا وأصدر الله حكما يجب أن ينفذ أمر الله، وتصويت الناس ضد حكم الله لا قيمة له، حتى لو ألقي رسول مثل إبراهيم (عليه السلام) في النار أو طرد محمد صلى الله عليه وسلم من موطنه.
ومع ذلك، فإن بعض القادة الثوريين الناجحين في العالم الإسلامي في التاريخ المعاصر قالوا بهذا “الافتراض” إن المعيار في مختلف المجالس الإسلامية هو تصويت الأغلبية، وأنه لا ينبغي لأحد أن يعارض تصويت الأغلبية هذا، لأنه يؤمن بشيء آخر فيجب ألا يعارض الإجماع.
وهذا يعني أن المؤمن في المجلس الذي عمل في أمور الاجتهاد يجب أن يطيع قرار الشورى، بل ويفضل تصويت المجلس الخاطئ على رأيه الصحيح، حيث قبل النبي صلى الله عليه وسلم الرأي الخاطئ للشورى في شورى حرب أحد وتصرف وفقا لذلك.
الاجتهاد الذي يطرح فيه الشورى والتصويت والأغلبية، يكون تصويت الأغلبية صحيحا ولو كان على حسابهم كما كان على حساب المؤمنين في غزوة أحد .
لذلك، عندما يتحدث علماء الفقه عن رأي الأغلبية، فإنهم لم يذكروه مطلقا بل ذكروا حدوده مسبقا.
ورغم أن البعض في سوريا يحاول التستر على كلام الجولاني المكفر من خلال التركيز على تصويت الأغلبية والتوافق في الشورى، إلا أن تصرفات الجولاني تبطل مبررات هؤلاء الجنود في مجال الحرب النفسية.
لقد أرجأ الجولاني تحكيم شريعة الله مطلقا لإرادة الشعب وليس لتصويت الشعب في أمور الاجتهاد ولكن تحكيم شريعة الله ليس من الاجتهاد، بل يقول الله سبحانه وتعالى: : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (احزاب/36)
لذلك فإن تحكيم شريعة الله ليس موضوعا للفتوى، والجولاني يتحرك لتأسيس حكم “إنساني” بدلا من “مركزية الله “، وحتى الآن أثبتت أفعاله ومن حوله للجميع أن الجولاني يطبق علمانية متوافقة مع الشعب السوري ومقبولة لدى الغرب من خلال التركيز على “مركزية الإنسان”.
الكاتب: أبو عامر