
الموقف من المبادئ والالتزام بالمنهج الإسلامي والرؤية إلى الحكم لدى الملا محمد عمر وأحمد الشرع (الجولاني) دراسة وتحليل
يقول الشيخ أبو الفتح يحيى بن طاهر الفرغلي عن كتاب حجر الأرض: هذا كتاب يتناول حياة الملا محمد عمر وحركة طالبان بتعبير بليغ ومعنى عميق ومليء بالحكمة ولكن أغلى جزء من الكتاب هو جزء يناقش السياسة الدينية الدقيقة والمنضبطة.أنصح بقراءة هذا الكتاب والتدقيق في كل كلمة من الكتاب والتأمل في هوامشه لأنه يمكن أن تكسب الفائدة الحقيقية منه عندما تقرأ كل كلمة منها بعناية وتتأمل فيها.
يتضمن هذا الكتاب حواراً تاريخياً يجري بين الملا عمر مؤسس إمارة أفغانستان الإسلامية وتركي الفيصل عن الشيخ أسامة بن لادن تقبله الله:
تنفس الملا عمر بينما صمت الجميع ثم تابع:
أسألك ألا تخجل أنت الذي جئت من أرض الحرمين الشريفين لتطلب القبض على أحد من مواطنيكم المطلوبين الذين لجأوا إلينا وتريد تسليمه إلى دولة أجنبية؟ هل أنت عربي!؟
كان الصحابة عرباً حملوا الإسلام إلى أنحاء العالم وهم يركضون على ظهور الخيول حفاة القدمين وهم يخلعون الثياب ولكنك جئت من بلدك لتطلب هذا المسلم وتسلمه للكفار؟ أنت لا تستحق أن تنسب إلى هؤلاء العرب الشجعان.
كيف يسمح لي ضميري أن أقيد أيدي أسامة وزوجاته وأولاده وأن أسلمه إليك؟ هذا ما لا يقبله ديني وإيماني ورجولتي ولا ثقافتي.
ترتعد فرائصك من فزع الأمريكيين ولا تتمتع بأدنى حد من الغيرة وأنت لا تنتمي إلى الصحابة دون أدنى شك.
فنهض تركي الفيصل بعد أن سمع كلمات الملا عمر والجملة الأخيرة التي أطلقها قائلاً:
لقد أهنتني وأهنت نسبي وعائلتي!
ثم رفع يده مودعاً ثم غادر الغرفة.
ارتضى الملا محمد عمر بسقوط حكومته وسلطته لكي يتمسك بما اعتبره حقاً ويراه أخلاقاُ دينية.
ثم جاء ما يلي:
لم تنجح الوساطات اللاحقة من أن يسلم الملا عمر ضيفه على الرغم من أن خطرا كبيراً كان يهدده وانتهك الشيخ أسامة شروط اللجوء التي اتفق عليها مع طالبان سابقاً ولكن الملا عمر رأى أن حماية الشيخ أسامة واجب ديني وأنه يثبت الرجولة.
ارتضى الملا عمر بسقوط حكمه وسلطته لكي يتمسك بما اعتبره صحيحا وأخلاقيا. فلم يقل أحد من أقاربه أو من كان يرافقه أثناء حياته أنه ندم على قراره التاريخي.
عامل الملا محمد عمر رحمه الله رئيس المخابرات السعودية آنذاك تركي الفيصل بهذه الطريقة وتحدى لعالم الكفر كله لكي يدعم مهاجراً. لم يكن ما قام به الملا عمر بدافع التردد أو العجز، بل جاء ذلك بموافقة القلب ليكون عمله شهادة تاريخية على أنه قد يعيش أحد في عالم مفعم بالمصلحة والصفقات الفارغة ولكنه لا يبيع دينه بأي ثمن وهذا هو المنهج الإسلامي في التعامل مع المؤمنين والتعامل مع الكفار وعملائهم مثل رئيس مخابرات آل سعود .
هل ترى كيف تعامل أحمد الشرع الجولاني مع استخبارات الحكومة التركية العلمانية والمرتدة والإدارة الأمريكية والصهاينة المحتلين عندما واجه المهاجرين الذين يعارضونه من تنظيم القاعدة (حراس الدين) وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين وغيرها من الجماعات؟
لقد علمنا الملا محمد عمر رحمه الله وأحمد الشرع دروساً مفيدة ومثيرة يدعونا إلى التفكير في الكرامة والتمسك بالمبادئ والأساليب الصحيحة لأهل الدعوة والجهاد والغيرة والالتزام الديني رغم الضغوط التي يمارسها التحالف الدولي.
اختار الملا محمد عمر رحمه الله في لحظة الاختيار بين السلطة والتمسك بمبادئ الدعوة والجهاد، التمسك بدينه فاستجاب كل ما أمر به الإسلام. أما الجولاني فهو تخلى عن الجهاد من أجل السلطة وتحول إلى أداة يتلاعب بها الكفار المتعطشين للدماء مثل الولايات المتحدة وحلفائها وعملائها.
أجل، إن الملا عمر كانَ راضياً بأن يَفقدَ سُلطانَه وحُكومتَه مُقابلَ الوقوفِ عندَ ما يَراهُ حَقّاً وأخلاقاً.
الكاتب: مولوي نور أحمد فراهي