عصر القوى الوسطى: الواقع الجيوسياسي الحديث (1)
يروج العديد من الخبراء والمحللين لفكرة تشير إلى أن العالم دخل فترة مواجهة بين القطبين أي الولايات المتحدة والصين وأن الدول الأخرى تضطر على الانحياز إلى أي من الطرفين. إذن نجد أن الجولاني وتياره في سوريا يريدون تبرير اعتمادهم على الولايات المتحدة أمام الشعب من خلال الترويج لهذه الفكرة.
تختلف الظروف عما يعتقده هؤلاء الخبراء وجماعة الجولان في سوريا اختلافاً جوهرياً.
يقفز ما يسمى بالقوى الوسطى على السطح تحت مستوى المواجهة بين هاتين القوتين. تعني القوى الوسطى الدول التي ترفض الخضوع السياسات العالمية وتشرع بشكل ملحوظ قوانينها الخاصة، ما يشكل تحديات كبيرة للنظام العالمي في عالم متعدد الأقطاب.
من هم القوى الوسطى؟
يعني مصطلح القوى الوسطى الدول التي اكتسبت ما يكفي من القوة الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية للتأثير على الأحداث في منطقتها والحد من تدخل القوى العظمى حيث تأتي قوتها من مجموعة متنوعة من المصادر كما تأتي قوة الهند من سكانها والإمكانات الديموغرافية والاقتصادية وتأتي قوة المملكة العربية السعودية من الموارد النفطية وتنشأ قوة تركيا من الموقع الاستراتيجي والصناعات الدفاعي وتصدر قوة إيران من الموارد النفطية والقوة العسكرية والصناعات الدفاعية.
يضم هذا النادي اليوم 17 دولة تشمل تركيا والهند والبرازيل والمملكة العربية السعودية وإيران والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا ودول أخرى كما يؤكد المحللون حيث توحد الرغبة في “أن يكونوا على الطاولة وليس على القائمة” هذه الدول.
يعود تاريخ مصطلح القوة الوسطى إلى القرن الخامس عشر عندما وصف المفكر الإيطالي جيوفاني بوتيرو الدول التي تقدر على الحفاظ على استقلالها تحت حصار الإمبراطوريات الكبرى ولكن تعريف القوة الوسطى تطور اليوم.
أصبح الطموح عاملا رئيسيا بالإضافة إلى المؤشرات التقليدية مثل الناتج المحلي الإجمالي أو القوة العسكرية أي أنه تمتلك هذه الدول الإرادة الواعية للتأثير على المنطقة والعالم.
أشار السفير الإندونيسي السابق دينو بيتي جلال أن القوة الوسطى تعرف بثلاثة عناصر: الحدود أو الموقع الاستراتيجي والوزن أي الموارد الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية والطموح. تحول الأفعال الدول إلى قوة وسطى وليس الإمكانيات.
الشمال يقابل الجنوب بين الدعم والمراجعة
تنقسم القوى الوسطى إلى معسكرين: الشمال و الجنوب. تشمل القوى الشمالية كندا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وهي ديمقراطيات علمانية مستقرة مدمجة في الهياكل الغربية. تعمل هذه الدول كعامل يدعم استقرار النظام الليبرالي ويعزز الدبلوماسية والتعددية.
يكون لدى القوى الجنوبية أي تركيا والهند والبرازيل والمملكة العربية السعودية وإيران وإندونيسيا ماض ما بعد الاستعمار وهذه الدول تسعى إلى مناهضة النظام القائم الذي تعتبره جائراً. يظهر رغبة هذه الدول في المراجعة في تنافسها على النفوذ الإقليمي مثل التنافس بين إيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للهيمنة على الشرق الأوسط.
الكاتب: أبو عامر (خالد الحموي)





