
عصر القوى الوسطى: الواقع الجيوسياسي الحديث (2)
المستقبل الذي يتربض بعالم متعدد الأقطاب
يعدّ ظهور القوى الوسطة جزءاً من عملية عالمية ويعمل التنافس الذي يجري بين الولايات المتحدة والصين كمحفز ، ما يسمح للقوى الوسطى بتحقيق التوازن بين المعسكرين وجني فوائده دون أن تكره على اختيار معسكر واحد. تجعل هذه العملية العالم متعدداً بشكل فوضوي حيث توزع التأثير بين العديد من الجهات الفاعلة وتحولت السياسة العالمية إلى شبكة معقدة من الاهتمامات.
أما صعود القوى الوسطى فهو أدى إلى بعض الصراعات من مواجهة إيران المباشرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل إلى التدخلات التركية وتصرفات إسرائيل في الشرق الأوسط. قد يؤدي التنافس بين القوى الوسطى إلى حدوث تغييرات تدريجية في المنطقة كما نراه في الحالة التي تحكم العلاقات بين إيران وإسرائيل.
والسؤال هو: هل تتحول القوى الوسطى إلى من يفرض نظاماً مستداماً جديداً، أم إن أفعالها تؤدي إلى الفوضى والصراعات الإقليمية التي لا نهاية لها؟
النتيجة: لعبة الهيمنة الأبدية
لقد حان بالفعل عصر القوى المتوسطة وغير ظهورها قواعد السياسة العالمية وجعل العالم أقلّ تنبؤاً به وولكنه جعل العالم أكثر نشاطاً. إذن فإن نجاحها يعتمد على قدرتها على إيجاد توازن بين الطموح والمسؤولية.
قد يتحول أصحاب نظرية المراجعة الذين ينتمون إلى معسكر الجنوب اليوم إلى مدافعين عن الوضع الراهن الجديد غداً، كما جرى في كثير من الحالات التاريخية. قد لا يكون جوهر الجغرافيا السياسية عبارة عن تحقيق التوازن النهائي ولكنه قد يكون التغيير الأبدي للأدوار في الصراع من أجل النفوذ.
يوجد شيء مؤكد: العالم أكبر من القوتين والقوى الوسطى تحاول أن تحتلّ مكانها على رقعة الشطرنج العالمية. فإن ما يفعله الجولاني وجماعته في تبرير عمالتهم وخضوعهم للولايات المتحدة هو مجرد لعبة خادعة نابعة من الفشل الداخلي والذل والعمالة والتضليل.
الكاتب: أبو عامر (خالد الحموي)