يا أمة الإسلام؛ توجيهات منهجية للشيخ أسامة بن لادن (1)
الكاتب: أسامة بن لادن
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [ال عمران : 102].
أما بعد:
من أسامة بن محمد بن لادن إلى إخوانه وأخواته في الأمة الإسلامية عامة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رسالتي هذه إليكم بخصوص التحريض ومواصلة الحثِّ على الجهاد، لدفع المؤامرات العظام التي حِيكت وتحاكُ ضدَّ أمتنا، خاصةً وقد ظهر بعضها ظهوراً بيناً:
كاحتلال الصليبيين بمناصرة المرتدين لبغدادَ دارِ الخلافة [1]، تحت خدعة “أسلحة الدمار الشامل” [2].
وكذلك المحاولة الشرسة لتدمير المسجد الأقصى، والقضاء على الجهاد والمجاهدين في فلسطين الحبيبة، تحت خدعة “خارطة الطريق” [3] ومبادرة “جنيف للسلام”.
وكذلك الحملات الإعلامية الصليبية على الأمة الإسلامية، والتي تُظهر بوضوحٍ عظيم؛ عِظَمَ ما يبيّتون من شرٍ مستطيرٍ للأمة عامة، ولأهل بلاد الحرمين خاصة، وظهرت نوايا الأمريكيين كذلك في تصريحاتٍ بضرورة تغيير معتقدات ومناهج وأخلاق المسلمين، حتى يصبحوا أكثر تسامحاً – على حد تعبيرهم [4]- وبعبارةٍ واضحة؛ إنها حرب دينية اقتصادية، يريدون إبعاد العباد عن عبادة الله ليستعبدوهم ويحتلوا بلدانهم وينهبوا ثرواتهم، فمن العجب أن يفرضوا الديمقراطية وأمركة الثقافة بالقاذفات النفاثة، لذا فإن ما يُنتظر أدهى وأمر.
فما احتلال العراق إلا حلقةٌ في سلسلة الشر الصهيونية الصليبية، ثم يأتي دور الاحتلال الكامل لبقية دول الخليج تمهيداً لبسط النفوذ والهيمنة على العالم أجمع، فالخليج ودوله هو مفتاح السيطرة على العالم في نظر الدول الكبرى نظراً لوجودِ أكبر مخزونٍ نفطيٍّ عالميّ [5]، فاحتلال بغداد ما هو إلا خطوة تنفيذية لما فكرت وخططت له أمريكا من قبل، فالمنطقة كانت مستهدفة في الماضي، وهي اليوم مستهدفة كذلك، وستبقى مستهدفة في المستقبل.
فماذا أعددنا لذلك؟
وهذه الحملة الصهيونية الصليبية على الأمة اليوم؛ تُعد أخطر الحملات وأشرسها على الإطلاق، وهي تهدد الأمة كلها في دينها ودنياها.
أولم يقل بوش: (إنها حرب صليبية)؟ [6] ألم يقل أيضاً: (إن الحرب ستستمر سنين طويلة وتستهدف ستين دولة)؟ [7] أو ليس العالم الإسلامي زهاء ستين دولة؟
أفلا تبصرون؟ ألم يقولوا إنهم يريدون تغيير إيديولوجية المنطقة التي تبث الكراهية ضد الأمريكيين؟!
إنهم يقصدون الإسلام وذروَتَهُ قبل كل شيء، فهم يعلمون أنهم لن ينعموا بثرواتنا وأرضنا ونحن مسلمون مجاهدون، فتدبروا!
فيا أيها المسلمون:
إن الأمر خطير والخطب جلل، وإني والله حريصٌ على دينكم ودنياكم، كيف لا؟ وأنتم إخواني في الدين، وأهلي في النسب، والرائد لا يكذب أهله، فأعيروني أسماعكم وقلوبكم لنتدارس حول هذه الخطوب المدلهمة، وكيف السبيل للخروج من هذه المحن الملمة.
وللحديث عن ذلك أقول كما قال نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب} [سورة هود : 88]، مستعيناً بالله، متوكلاً عليه، مستجيباً لأمره بأن لا أخشى في الله لومة لائم، متحرياً للصدق، صادعاً بالحق، مبتغياً رضى الخالق وإن غضب الخلق، فآجالنا إلى انتهاء وأرزاقنا في السماء، فعلام نَجْبُنُ عن قول الحق ونصرته؟ ولا يقعد عن نصرته وقد تعيّن الجهاد إلا من خسرت تجارته، وسَفِهَ نفسه وحُرِمَ خيراً عظيماً.
وعليه؛ فإن أول خطوة للخروج من هذا التيه هي بالرجوع إلى الله تعالى، نستغفره ونتوب إليه من المعاصي توبة نصوحاً، ونهتدي بقرآنه العظيم وسنة نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام.
كما ينبغي علينا أن نبحث عن الأسباب الرئيسة التي أدت إلى انحراف المسيرة عن الصراط المستقيم من الداخل، وعن القوة الفاعلة في هذا الانحراف، فإننا وبدون عناء سنجد أن أبرزهم:
1) الأمراء [8].
2) وعلماء وخطباء السوء [9].
3) والراكنون إلى الذين ظلموا من قيادات العمل الإسلامي [10].
4) وإعلاميو الدولة ومن سار على أثرهم.
والحقيقة المرة هي؛ أن الأمراء قد تمكنوا من إغواء وإغراء كثيرٍ من أفراد هذه الشرائح، ثم قاموا بتكميم أفواه من أبى منهم – إلا من رحم الله –
وحيث أن من هدي القرآن والسنة الصدق والتمايز بين الحق والباطل، لكي لا يلتبس على الناس الحق فيضلوا عن الصراط المستقيم، قال الله تعالى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [سورة البقرة : 42].
ولإزالة اللبس يجب تسمية الأمور بأسمائها الحقيقية، والتعبير عنها بألفاظها الشرعية، ولاسيما عندما نتحدث عن هذه القوى المؤثرة في مسيرة الأمة، حتى يتسنى لنا أن نأخذ التصور الصحيح عنهم وعن أفعالهم، ليسهل علينا معرفة التعامل معهم، حيث إن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره.
لذا فإن اللفظ الشرعي في وصف الحاكمِ الذي يحكم بغيرِ ما أنزل الله ويسير على غير هدى الله سبحانه وتعالى، أو يناصر الكفار تحت أي مسمى، كتقديم التسهيلات العسكرية أو تنفيذاً لقرارات الأمم المتحدة ضد الإسلام والمسلمين؛ فهذا كافرٌ مرتد [11].
كما وإن هذه القوى المؤيدة للطغاة عن علم وبغير إكراه؛ لها نصيب من هذا الظلم الذي يُرتكب كلٌ بحسبه [12].
إلا أنني أُهيبُ بأبناء العمل الإسلامي أن يعزلوا قياداتهم التي ركنت إلى الذين ظلموا، وينصّبوا قيادات قوية أمينة تقوم بواجبها في هذه الظروف العصيبة، بالدفاع عن الأمة الإسلامية.
وأما الإعلاميون المستهزئون بشعائر الدين – كالجهاد وغيره من الشعائر – فهؤلاء زنادقة [13] مرتدون.
هذا فيما يتعلق بأهم القوى المؤثرة في انحراف مسيرتنا من الداخل.
أما الحديث عن كيفية دفعِ هذه القوى المعادية من الخارج، فذلك يستلزم منا أن ننظر في الحروب الصليبية السابقة على بلادنا، لنأخذَ منها الدروس والعبر بما بعيننا لصد هذه الهجمة، وأخذ التصور عن أهم أسباب تلك الهجمات، وكيف تم دفعها ومقاومتها.
فأقول: إن احتلال الغرب لبلادنا قديم جديد، والتدافع بيننا وبينهم والمناطحة وكسر القرون قد بدأ منذ قرون، وسيستمر، لأن سنة التدافع بين الحق والباطل ماضيةٌ إلى قيام الساعة، وصلاح البلاد والعباد بإقامتها، قال الله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [سورة البقرة : 251]، قال أهل التفسير: “أي لولا مدافعة المؤمنين بالقتال للكافرين لغلب عليها الكافرون ولفسدت الأرض بإفسادهم” [14]، فانتبهوا إلى سنة التدافع هذه، ولا حوار مع المحتلين إلا بالسلاح [15].
وبنظرةٍ لطبيعة الصراع بيننا وبين الغرب نجد أنهم قد غزوا بلادنا قبل أكثر من ألفين وخمسمائة عام، فلم يكن لهم دينٌ قويم ولا خلق سليم، وإنما كانت دوافعهم السلب والنهب، فبقي أجدادنا في الشام تحت احتلالهم لأكثر من عشرة قرون.
ولم نستطع أن نهزمهم إلا بعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والتزامنا بالإسلام حقاً، الذي أعاد تشكيل وصياغة الشخصية العربية، فحررها من الجاهلية [16] ونوّرَ قلبها وعقلها وفجّرَ طاقاتها، وعند ذلك لم يقف في وجه كتائب الإيمان أحد، لا العرب ولا العجم، وتهاوى أمام صيحات “الله أكبر”؛ الفرس والتتر، والترك والروم والبربر، وكانت ريادة العالم بأيدينا، ننقذهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد سبحانه.
ثم لما ضَعُفَ تمسكنا بديننا وفسد حكامنا؛ أصابنا الوهن، فأعاد الروم علينا الكرة بعد قرونٍ بحروبهم الصليبية المشهورة، إلى أن أخذوا منا المسجد الأقصى، ولكن بعد تسعين سنة استعدنا قوتنا بعودتنا لديننا، فاسترجعنا المسجد الأقصى – بفضل الله – [17] على يد قائد حكيم ومنهج قويم، فالقائد؛ صلاح الدين رحمه الله [18] والمنهج؛ الإسلام وذروة سنامه؛ الجهاد في سبيل الله [19].
وهذا ما يلزمنا اليوم وهو ما يجب أن نسعى إليه.
وكذلك الحال؛ لم يتم تحرير بلاد العالم الإسلامي في القرن الماضي من احتلال الصليبيين العسكري إلا برفع راية الجهاد في سبيل الله، والذي يستميت الغرب اليوم لتشويهه، وقتل من يحمل رايته تحت اسم “مكافحة الإرهاب”، ويناصرهم في ذلك المنافقون، لأنهم يعلمون جميعاً أن الجهاد هو القوة الفعّالة لإحباط جميع مؤامراتهم.
فهذا هو السبيل فاتبعوه، لأننا إذا ابتغينا دفعهم بغير الإسلام فسنكون كالذي يدور في حلقة مفرغة، وسيكون حالنا كحال أجدادنا الغساسنة، كان هم الواحد من كبرائهم أن يكون ضابطاً للأمن عند الروم، وإن أُطلق عليه لقب “ملك”، ليقوم بحماية مصالحهم، وذلك بقتل إخوانه من عرب الجزيرة [20] وهذا هو حال “الغساسنة الجدد”؛ حكام العرب اليوم [21].
فيا أهل الإسلام:
إن لم تأخذوهم بجريرتهم في القدس وأرض الرافدين، أخذوكم بخذلانكم وسلبوكم أرض الحرمين، فاليوم بغداد وغداً الرياض، وهلّم جراً – إلا أن يشاء الله – وحسبنا الله ونعم الوكيل.





