
ما هو ثمن الخضوع لمشروع الجولاني؟
على الرغم من أننا لا نشهد حكما إسلاميا من قبل الحكام الجدد بعد الإطاحة بحكم حزب البعث العلماني على سوريا وقامت الحكومة الجديدة هوية غير إسلامية كالقومية القطرية أو القومية وأطلقوا على أنفسهم اسم “الجمهورية العربية” في أرض مكونة من أعراق مختلفة وهذه التسمية تعود إلى التوجهات الوطنية وتبتعد عن الهوية الإسلامية ولا يزال البعض يسمون الجولاني بـ”ولي الأمر الشرعي” للشعب السوري على غرار آل سعود والأردن ومصر ودول أخرى.
ويتضح لكل من يعرف أبجدية الشريعة أن الوضع اليوم مخالف لمبادئ الشريعة الإسلامية ويجب تغييره، لأن إطلاق الشرعية على الحكومة سيسبب اضطراب مفاهيم الشريعة والحكم في الإسلام لدى الناس ويجب على مسلمي سوريا أن يشعروا بأن شريعة الحكم والسيادة في أرضهم قد ألغيت حتى يحاولوا إقامتها، وهذه المسؤولية لا تقع على أعناق الحكام فقط، بل هي مسؤولية الناس أيضا حسب قدرتهم.
قال رسول الله صلی الله علیه وسلم: مَن رَأَى مِنكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وذلكَ أضْعَفُ الإيمانِ.(مسلم49)
هذه هي طريقة التعامل مع الرذيلة التي فرضها الجولاني على مسلمي سوريا ولا خيار آخر.
قد يتعذر البعض بعض الحجج إذا أرادوا تغيير الحكومة عبر القتال: لا توجد قوة أعظم من جماعة الجولاني للدفاع عن مجد أهل السنة! وانتهاك الوضع الراهن سيؤدي إلى مزيد من الفساد لذلك يجب أن ندخل في ألعاب سياسية في هذا النظام ونقوم بإصلاحات داخلية!
والحقيقة هي إن القول “لا توجد قوة أخرى أكبر من جماعة الجولاني في الدفاع عن السنة” هو نوع من الاستهزاء بأهل لسنة في سوريا، لأن الجولاني اليوم هو الممثل الوحيد لإحدى الجماعات السنية في سوريا ولكن أطيافاً مختلفة يجب أن تتقاسم هذه السيادة بالإضافة إلى أهل السنة، أي ملايين المسلمين المعارضين الذين يريدون تحكيم قوانين الشريعة الإسلامية ويعتبرون مجدهم في تشكيل حكومة إسلامية ليست على غرار حكومة مثل السيسي والملك عبد الله ومحمود عباس وغيرهم.
هل هناك فساد أسوأ من الشرك وتحكيم القوانين العلمانية وفرضها على المجتمع لكي نخرج عليه؟ لا شك أن أي فساد لا يساوي الشرك رتبة والآن بعد أن أصبح المسلمون في مرحلة انتقالية ثورية وهناك روح جهادية وثورية، فإن الاستسلام لمخططات الجولاني هو أكثر فسادا من القتال ضد هذه الحكومة العميلة.
إن التحزبات السياسية مثل ما حدث لمرسي والإخوان المسلمين في مصر أو ما حدث لأمثال راشد الغنوشي في تونس سوف تؤتي ثمارها.
وإذا كان من المفترض أن تتم الإصلاحات في نظام علماني، فلماذا حدثت الانتفاضة ضد بشار الأسد؟ لأن الحكومة الإسلامية لن تصل إلى السلطة ولن تتمكم من تنفيذ الشريعة الإسلامية من خلال الإصلاحات والتحزبات السياسية.
والخضوع لمشروع الجولاني يعني خيانة دماء الشهداء والثورة وبيعها إلى الذين ينفذون مشروع “الإسلام الأمريكي الصهيوني الجديد” في سوريا ويعتزمون أن يصبحوا درعا جديدة للصهاينة ضد أهل الدعوة والجهاد من خلال تشكيل حكومة علمانية مثل محمود عباس والسيسي والملك عبد الله.
الكاتب: أبوعمر الاردني