حرب مدبرة : كيف أغرى الجولاني أهل الشام؟

حرب مدبرة : كيف أغرى الجولاني أهل الشام؟

هذا فخ آخر للأمة والحيلة الشريرة التي ابتكرها الجولاني وأسياده في جهاز المخابرات التركية بعد تضييقه والانتقادات القاسية التي وجهها إليه أهل السنة في بلاد الشام. أدرك الناس حقيقة هذا الرجل الذي كان يرتدي قناع الجهاد في البداية، فلم يستغرق وقتا طويلا حتى نزع القناع وتبع الغرب بعد أن أحكمت الدول الغربية سيطرتها عليه فألقى راية الجهاد ضد الصهاينة وصوّب سلاحه نحو الأمة وقمع الشعب بدل من أن يواجه العدو المحتل.
عندما سخط أهل الشام بشكل متزايد من الجولاني إذ تبع الجولاني الدول الغربية فاحتاج هو إلى طريق للهروب واستعادة هيمنته المتصدعة. وهكذا كتبت مسرحية محسوبة: حرب وهمية ضد النصرية في منطقة الساحل، الحرب التي من شأنها أن يثير هذا السؤال في عقول أهل الشام بخدعة شريرة: “هل من الأفضل أن يحكم الجولاني العلماني أم يجب أن يعود النصرية الذين ذبحوا أطفالنا واغتصبوا أرضنا إلى الحكم مرة أخرى؟!”
هذا هو نفس الخداع الذي يعاد فيه بناء العقول تحت ضغط الحرب وسفك الدماء من أجل دفع الناس إلى قبول الباطل الأقل خطورة، تماما كما اختار المسلمون ذات يوم بين كمال أتاتورك العلماني والاحتلال الأجنبي وقبلوا حكمه، وكانت النتيجة محو الإسلام وانهزام الأمة ونهب مثلها العليا.
كان الجولاني يعلم جيدا أن سقوطه كان وشيكا وأن أهل الشام الذين عرفوا وجهه الحقيقي، لن يقبله. لذلك كان بحاجة إلى حرب مدبرة بدعم من المخابرات التركية لبثّ الخوف في قلوب وعقول الناس وتكريس هذه الفكرة “إذا سقطتُ أنا فستعود النصرية مرة أخرى!” وبالتالي إجبار الناس على قبوله بدافع الضرورة وليس بدافع الحب خوفاً من الاستبدال السيء بالأسوأ.
هكذا تدار الحروب في عصر الخداع والفتن. كل نار تشتعل ليست بالضرورة تدلّ على الحقيقة وكل معركة تدور ليس بالضرورة معركة بين الحق والباطل. ففي كثير من الحالات، يكون الباطل هو الذي يسود المشهد ويجبر الناس على اختيار أحدهما، ليس بدافع الإيمان، بل بدافع الخوف من خيار أسوأ.
لا يكون الجولاني الذي منع الجهاد ضد الصهاينة وفتح بدلا من ذلك جبهة ضد الأمة الإسلامية إلا قطعة على رقعة شطرنج للاعبين العالميين، قطعة يمكن تحريكها حيثما دعت الضرورة واستخدامها في أي سيناريو يعود بالنفع على أعداء الإسلام. واليوم يتعين على أهل الشام ألا تنخدع بهذه اللعبة وأن لا تجد نفسها بين اثنين من الظالمين بل يجب أن يعيدوا بوصلتهم إلى الطريق الصحيح: نحو الجهاد في سبيل الله وضد العدو الحقيقي وليس في الحروب الوهمية التي تصممها أجهزة المخابرات وتدار لصالح أعداء الأمة الإسلامية.

الکاتب: أبو أنس الشامي

  • Related Posts

    احتواء الأفكار الثابتة الذي تنويه التيارات المزيفة

    احتواء الأفكار الثابتة الذي تنويه التيارات المزيفة لماذا يصف الغرب الجماعات الإسلامية تثبت في طريقها بأنها تيار إرهابي ولكنه يحاول أن يدعم التيارات المزيفة؟ على سبيل المثال، صنفت الولايات المتحدة…

    السويداء تقترب من نقطة الغليان: فصل جديد من العمل الجاد والإجابات الحاسمة يبدأ

    السويداء تقترب من نقطة الغليان: فصل جديد من العمل الجاد والإجابات الحاسمة يبدأ جعلت التطورات الأخيرة في محافظة السويداء المنطقة في صدارة الأخبار السياسية والأمنية في سوريا. تشهد الصعيد السياسي…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    احتواء الأفكار الثابتة الذي تنويه التيارات المزيفة

    احتواء الأفكار الثابتة الذي تنويه التيارات المزيفة

    السويداء تقترب من نقطة الغليان: فصل جديد من العمل الجاد والإجابات الحاسمة يبدأ

    • من admin
    • أغسطس 22, 2025
    • 15 views
    السويداء تقترب من نقطة الغليان: فصل جديد من العمل الجاد والإجابات الحاسمة يبدأ

    الجروح الخفية للحرب وحلم امتلاك البيت: القصة المريرة لمن بقي في سوريا

    الجروح الخفية للحرب وحلم امتلاك البيت: القصة المريرة لمن بقي في سوريا

    الاتفاق السوري ـ الأميركي حول “الممرّ الإنساني”

    الاتفاق السوري ـ الأميركي حول “الممرّ الإنساني”

    مايكروسوفت تساهم في الأطفال الفلسطينيين في غزة

    • من admin
    • أغسطس 21, 2025
    • 16 views
    مايكروسوفت تساهم في الأطفال الفلسطينيين في غزة

    القادة السابقون في الجيش الصهيوني والعصابة الخاصة الصهيونية يدقون ناقوس الخطر: “إسرائيل” المجنونة والقاتلة تتعرض للخطر

    • من ezqassam
    • أغسطس 20, 2025
    • 11 views
    القادة السابقون في الجيش الصهيوني والعصابة الخاصة الصهيونية يدقون ناقوس الخطر: “إسرائيل” المجنونة والقاتلة تتعرض للخطر