
الانسحاب الأمريكي من سوريا خطة مدبرة
ألحّ ترامب خلال ولايته الأولى على انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، ولكنه لم يجد بديلاً يضمن دعم إسرائيل والهيمنة على سوريا بما يتماشى مع المصالح والأهداف الأمريكية، فقد تأخر ذلك الأمر إلى حين آخر.
كانت سوريا آنذاك منقسمة بين أنصار تركيا، مثل الجيش السوري الحر والجولاني في إدلب وشمال سوريا، وأنصار إيران (الحكومة المركزية وجماعات أخرى) وأنصارها في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي لم تكن أي حكومة في العالم تسيطر عليه.
لم يكن هناك مبرر لانسحاب القوات الأمريكية في مثل هذه الحالة ولكن عندما اندلعت الحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة والحرب بين أوروبا وروسيا، واستبدل بشار الأسد الموالي لإيران في دمشق بأحمد الشرع الموالي للولايات المتحدة، تغير الوضع تماما.
جعل أحمد الشرع سوريا موالية للولايات المتحدة. فهو لا يحمي المصالح والأهداف الأمريكية فحسب، بل يحمي إسرائيل أيضا باسم الولايات المتحدة ويدخل الحرب مع تنظيم الدولة (داعش) بالنيابة عن الولايات المتحدة.
كان من المفترض أن تنسحب الولايات المتحدة من العراق في عام 2009 وفقاً لاتفاق مع الحكومة العراقية ولكن القوات الأمريكية انتقلت من الشوارع والمدن والقرى إلى قواعدها العسكرية في العراق عام 2011، ومن المفترض أيضا أن تنسحب القوات الأمريكية في سوريا من القواعد العسكرية ولا شك أن الولايات المتحدة تحتفظ بقوات محدودة استخباراتية في قواعد محددة ولا تغادر سوريا بشكل كامل.
إذن فإن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا لا يعتبر إنجازا للجولاني، بل هو نتيجة تخطيط أمريكي محدد سلفا، والجولاني ليس سوى أداة لتنفيذ هذه الخطة.
على الرغم من أن الجولاني يمكن أن يكون بديلا للولايات المتحدة في سوريا، إلا أن هذا الوضع لا يمكن أن يدوم طويلا، نظراً إلى سجل الجولاني خلال حكمه لدمشق لأن المؤمنين وأهل الدعوة والجهاد عاهدوا الله سبحانه ولم يبيعوا أنفسهم بالدنيا.
الكاتب: أبو سعد الحمصي