
من أرض الشام إلى القدس، عندما يصافح حکام العرب الذين يحكمون على المسلمين أيدي الصهاينة الملطخة بالدماء!
لا لسنا نحدد في الشريعة الإسلامية معيار الصواب والخطأ وفقاً للحدود الجغرافية أو الأعلام الملونة، بل إننا نحدده وفقاً للمواقف ضد الاضطهاد والاحتلال ومعاداة شريعة الله.
قال الله سبحانه وتعالى {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (المائدة: ۵۱):
من يستطيع أن يتجاهل هذه الآية الشريفة إلا من أصاب مرض النفاق قلوبهم أو الذين أحبوا الدنيا حباً جماً؟
يسلك اليوم بعض حكام العرب الذين تشدقوا بشعار المقاومة منذ سنوات، طريقاً يؤدي إلى الاستسلام الشامل أمام أعداء الإسلام. يشمل هذا الاستسلام الاتفاقيات السرية والاتفاقيات المعلنة والعلاقات الدبلوماسية حتى الزيارات الرسمية مع الكيان الأكثر إجراماً في عصرنا: إنه الكيان الصهيوني!
أما ما يثير دهشتنا فهو ما يحدث في أرض الشام!
أليس أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) هو الذي انتفض مردداً شعار الدفاع عن أهل السنة في أرض الشام؟
لماذا تتمسك الحكومة السورية الجديدة اليوم بسياسات تتماشى في نهاية المطاف مع المشاريع الأمريكية الصهيونية؟
هل يعتبر إطفاء نيران الجهاد في الشام وإضعاف المقاومة المخلصة وتمهيد الطريق للتطبيع مع المحتلين الذين اجتهاداً؟ أم أنه يعدّ خيانة صارخة لقضية الشام وفلسطين؟
يجب على مؤيدي الجولاني أن يردوا على هذه التساؤلات:
هل أدركتم أنه لا يمكن البقاء في عالم السياسية بدون الضوء الأخضر للولايات المتحدة وصمت إسرائيل بعد أن بذلنا دماء كثيرة؟
هل هناك عدو أكثر غدراً وأسوأ من الصهاينة الذين قتلوا أطفال غزة؟
أي عدو قتل اليوم المسلمين مثلما قتلت إسرائيل ودمرت المساجد ودنست المقدسات وأهانت الإسلام؟
إن لم تكن الصهيونية عدونا، فمن العدو؟
ليست الاتفاقيات الإبراهيمية والمعاهدات المماثلة سوى عملية لوأد القضية الفلسطينية وتسليم مستقبل الأمة الإسلامية للصهاينة المفترسين.
هذه المعاهدات ليست مجرد التطبيع، بل إنها تضفي الشرعية على الاحتلال والجريمة والإبادة الجماعية.
وهذا هو الخطر الذي يمكن أن نشمّ رائحته اليوم من أرض الشام:
تفوح رائحة الخيانة من تحول أولويات الأمة من المقاومة إلى الفكرة القائمة على النفعية.
لذلك يجب أن نوجه الأسئلة التالية اليوم إلى كل حاكم وسياسي ومحلل ومؤيد لهذا التيار الغادر:
– هل يمكن أن نصافح الذين دفنوا أطفال غزة ودنسوا القبلة الأولى للمسلمين؟
– هل يمكن توقيع الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني ونحن نعتبر أنفسنا مخلصين لأمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
-هل يتفق إضفاء الشرعية على كيان الاحتلال مع “لا إله إلا الله ومحمد رسول الله”؟
-والسؤال الأخير، ماذا يبقى للذين يوقعون مثل هذه الاتفاقيات ويمهدون الطريق لتمكين إسرائيل سوى غضب الله وغضب الأمة؟
لا يمكن اليوم الخطر الرئيسي في احتلال القدس فحسب، بل الخطر هو احتلال الفكر وتشويه القيم وتجاهل العدو الحقيقي.
وهنا ترتدي الخيانة زي العقل والمصلحة لكي تخفى وجهها البشع.
اللهم لا تجعلنا من الذين باعوا دينهم بعرضٍ من الدنيا قليل، واحشرنا مع من قالوا: لا صلح مع قاتل، لا عهد مع مغتصب، لا مهادنة مع من حارب الله ورسوله. آمین.
الكاتب: مولوي نور أحمد فراهي