
التعرف على حلفاء أحمد الشرع (الجولاني): الإمارات العربية المتحدة، ديكتاتورية دموية للمؤمنين وحليف إستراتيجي لإسرائيل
برزت الإمارات العربية المتحدة كمركز اقتصادي وسياسي للشرق الأوسط في العقود الماضية. فهي دولة توجد فيها ناطحات سحاب متلألئة وفنادق فاخرة إذ تتمتع بسمعتها كمركز مالي عالمي، ما يجعلنا ننظر إلى الإمارات العربية المتحدة كدولة ترمز إلى التقدم.
هذا ويشير خبير شؤون الخليج الفارسي الدكتور أندرياس كريج إلى أنه يكمن نظام ديكتاتوري دموي وراء هذه الواجهة يعارض بنشاط بالغ أي تعبيرعن الحرية في العالم الإسلامي ويعزز مصالح كيان الاحتلال الصهيوني الذي يقتل الأطفال.
ترى الإمارات العربية المتحدة التي تحكمها مجموعة صغيرة من العملاء أن النهضة الإسلامية تشكل تهديداً وجودياً لسلطتها.
كان الربيع العربي الذي عم الدول العربي عام 2011 عندما اجتاحت الاحتجاجات الواسعة النطاق تونس ومصر ودولاً أخرى كجرس إنذار للإمارات العربية. فدعمت الإمارات بشكل فعال القوى المضادة للثورة للحفاظ على الوضع الاستبدادي الراهن في المنطقة بدلاً من دعم الحركات الشعبية التي تنادي بالحرية.
لا يقتصر هذا الخوف على السياسة الخارجية فحسب. تراقب الإمارات العربية المتحدة على الصعيد المحلي مراقبة مشددة المعلومات والرأي العام.
يتعرض المواطنون الإماراتيون والأجانب للاعتقالات التعسفية والاختطاف والتعذيب والاحتجاز دون أي محاكمة كما تحدث عمليات الاختطاف والقتل خارج الدولة.
ويقول منتقدو سياسات الإمارات إن نموذج الاستقرار هذا، يسمح للطبقة الحاكمة بالاحتفاظ بالسلطة ولكنها تترك المجتمع عرضة لاضطرابات، سواء كانت تحديات داخلية أو خارجية.
أساليب النفوذ الإماراتية
تستخدم الإمارات العربية المتحدة عدة إستراتيجيات للحفاظ على نفوذها. الأول: الضغط الاقتصادي. يتاح للإمارات أن تقدم مليارات دولارات لحلفائها أو استخدام النفوذ الاقتصادي لقمع المعارضة بفضل ثروتها النفطية.
فعلى سبيل المثال، دعمت هذه الدولة الانقلاب العسكري في مصر بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في عام 2013. فكانت الإمارات متورطة في قتل المسلمين في القاهرة عندما قتل المجلس العسكري التابع للجنرال السيسي آلاف المسلمين وأحرقهم في وسط العاصمة المصرية.
الثاني: تستخدم الإمارات القوة الناعمة. إنها تستثمر في وسائل الإعلام لتوحي أنها بلد مستقر ومزدهر حيث لا يوجد مجال للاضطرابات السياسية.
يروج الساسة الإماراتيون لوسائل الإعلام الخاصة بهم مثل سكاي نيوز عربي من أجل السيطرة على المعلومات.
والأخير: تتدخل الإمارات بنشاط في شؤون الدول الأخرى وتنظم انقلابات عسكرية وتزعزع استقرار الدول بأكملها. تثبت تصرفات الإمارات في اليمن وليبيا والدول الأخرى في المنطقة استعدادها لاستخدام القوة العسكرية والمالية لتحقيق مآربها.
الإمارات وإسرائيل: تحالف إستراتيجي
ما يلفت الانتباه في سياسة النظام الحاكم في الإمارات، هو تعاونه الوثيق المتزايد مع إسرائيل.
هذه العلاقة التي اكتسبت أهمية خاصة بعد توقيع ما يسمى بـ”الاتفاقيات الإبراهيمية” في عام 2020، ما يتجاوز تطبيع العلاقات إذ إن لدولة الإمارات وإسرائيل مصالح مشتركة في مواجهة إحياء الإسلام الذي يدعو إلى الحكومة الإسلامية وتحكيم شريعة الله.
التعاون الاقتصادي والعسكري
تعمل الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل بنشاط على تطوير العلاقات الاقتصادية والعسكرية حيث أصبحت التقنيات الإسرائيلية خاصة في مجال الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، عنصراً مهماً في التعاون.
تستثمر الشركات الإماراتية في الشركات الناشئة الإسرائيلية ويمكن للشركات الإسرائيلية أيضاً الوصول إلى الأسواق الخليجية. فعلى سبيل المثال، تساعد مشاريع الأمن السيبراني المشتركة مثل استخدام التكنولوجيا الإسرائيلية لمراقبة المعلومات والتحكم فيها، الإمارات العربية المتحدة على تعزيز الأمن الداخلي وقمع أي احتجاج.
يلعب التعاون العسكري دورا رئيسيا. تشتري الإمارات أنظمة عسكرية متقدمة من إسرائيل، بما في ذلك تقنيات المراقبة والدفاعات الصاروخية. يعزز هذا التعاون مكانة الإمارات كقوة عسكرية إقليمية ولكنه يخدم مصالح إسرائيل أيضاً حيث تكتسب إسرائيل حليفاً قوياً في العالم العربي.
مواجهة مشتركة للإسلاميين
تشارك الإمارات العربية المتحدة إسرائيل قلقاً مشتركاً وهو انتشار النهضة الإسلامية في المنطقة. تشكل الحركات ولو كانت حركات ليبرالية ترتبط ارتباطاً طفيفاً بالجماعات المؤيدة للإسلام مثل جماعة الإخوان المسلمين تهديدا بالنسبة لإسرائيل لأنها يمكن لها أن تؤدي إلى تصاعد الشعور المعادي لإسرائيل.
ترى الإمارات العربية المتحدة في مثل هذه التحركات تهديداً لسلطتها كذلك. بالإضافة إلى ذلك، تشمل الجهود المشتركة بين البلدين تبادل المعلومات وتنسيق الإجراءات ضد الأعداء المشتركين مثل القاعدة وإيران وحماس والجهاد الإسلامي. هذا ما يتحدث عنه أحمد الشرع (الجولاني) عن التحالف مع إسرائيل في القتال ضد الأعداء المشتركين.
تعزيز مصالح إسرائيل
تلعب الإمارات دوراً مهماً في تعزيز مصالح إسرائيل في العالم العربي. تحولت الإمارات إلى جسر لإضفاء الشرعية على الوجود الإسرائيلي في المنطقة من خلال توقيع ما يسمى بالاتفاقيات الإبراهيمية.
إن الساسة الإماراتيين يضغطون بشكل مستمر على دول عربية أخرى مثل البحرين والمغرب من أجل تطبيع علاقاتها مع إسرائيل واليوم يضغطون على الحكومة السورية ويؤكدون أن التطبيع طريق يصل إلى الازدهار الاقتصادي والاستقرار الإقليمي.
فسوف يساعد هذا الدعم الدبلوماسي إسرائيل على تعزيز موقفها على الساحة الدولية والتقليل من عزلتها في العالم الإسلامي.
بالإضافة إلى ذلك، تستخدم الإمارات وسائل إعلامها لتخفيف الشعور المعادي لإسرائيل في المجتمعات العربية. فإنها تخلق صورة إيجابية عن إسرائيل كشريك وليس عدواً من خلال الترويج لفكرة السلام والتعاون وهو ما يتناقض مع الروايات التقليدية في المنطقة.
التحديات المحلية والآفاق العالمية
على الرغم من نجاحات الإمارات العربية المتحدة في الساحة الاقتصادية والسياسة الخارجية، فإن النموذج الإماراتي لا يزال ضعيفاً. يؤكد الخبراء أن الأنظمة الاستبدادية تواجه تحديات جديدة في ظل تواجد الإنترنت وحرية المعلومات العالمية.
يطالب الشباب بشكل متزايد بالتغيير إذ يستوحون من أفكار إحياء الإسلام والحرية والعدالة. يتزايد السخط من الظروف السائدة في الإمارات العربية المتحدة رغم مستوى المعيشة المرتفع الذي يقمع الشعور الاحتجاج.
التعاون مع إسرائيل يفاقم هذه السخط. على الرغم من أن النخب الإماراتية تجد مصالح استراتيجية في هذا التحالف، إلا أن قسماً من المواطنين، وخاصة الجماعات الدينية والتقليدية يعتبر هذا التحالف خيانة للإسلام والقضية الفلسطينية. وهذا الأمر سيخلق توترات داخلية قد تتفاقم في المستقبل.
تعدّ الإمارات العربية المتحدة مثالاً لنظام ديكتاتوري يستخدم القوة الاقتصادية والإعلامية والتحالفات الاستراتيجية، بما في ذلك التعاون مع إسرائيل، للحفاظ على قوتها ونفوذها. ومع ذلك، فإن خوفها من العالم الإسلامي الحر ومعارضتها النشطة للنهضة الإسلامية تجعل هذا النموذج ضعيفاً على المدى الطويل.
تحول أحمد الشرع (الجولاني) إلى جزء من مشروع تحالف مع الإمارات العربية المتحدة وهو يسير على طريق سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى إقامة ديكتاتورية داخلية تحكم أهل السنة في سوريا حيث يتحول إلى صهيوني عربي آخر ويحرس إسرائيل، بالإضافة إلى حماية المصالح الغربية في سوريا.
الكاتب: أبو عامر (خالد الحموي)