
السلوك الحيواني: صورة تعرض الطبيعة المستكبرة الأمريكية والصهيونية واستخفاف الكفار المحتلين والمحاربين الأجانب بشعوبنا
قد تفضح جملة واحدة أو مصطلح واحد الوجه الحقيقي للقوى العالمية بشكل أفضل يفوق تأثيرها تأثير الآلاف من التحليلات والمقالات. ترك تصريح المبعوث الأميركي إلى سوريا الذي صدر خلال مؤتمر صحفي في لبنان تأثيراً كبيراً إذ وصف المبعوث الأمريكي أمام الكاميرات بالحيوان وخاطيهم بنبرة استعلاء كأنه يحكمهم وهم عبيده.
قد يبدو هذا الحادث ازدراء دبلوماسياً ولكنه يعكس عقلية السلطات الأمريكية والصهاينة موقفهم تجاه شعوبنا. إنهم لا ينظرون إلى شعوب المنطقة على أنهم بشر، بل يرون شعوب المنطقة ككائنات لا قيمة لها. ينجلي هذا الاستخفاف في كلماتهم ثم يبرز هذه الإهانة لشعوب المنطقة في الحروب والاحتلال وفرض العقوبات والقتل.
إن مصطلح السلوك الحيواني أو أنتم كالحيوان، هو أكثر من مجرد إهانة، لأن هذا المصطلح يعني في الثقافة السياسية الغربية والصهيونية تجريد الإنسان من صفاته. يحاول الغرب أن يزيل الصورة الإنسانية لدى شعوب المنطقة حتى يقدر على قمعها وقتلها بسهولة بالغة وإن عرضت الإنسان كالحيوان، فيسهل عليك قتله دون أن تواجه أي رد فعل عالمي.
هذه هي اللغة التي يستخدمها الصهاينة تجاه سكان غزة المقاومين. لقد سمعنا مرات عديدة أن القادة الإسرائيليين وصفوا الفلسطينيين بأنهم أناس متوحشون وحيوانات بحيث نتج قصف المستشفيات والمدارس وبيوت الناس وقتل النساء والأطفال والمسلمين العزل من هذه النظرة إلى الفلسطينيين.
لقد أثبت سلوك المبعوث الأميركي إلى لبنان أن هذا الموقف لا يقتصر على الصهاينة. تستخدم الولايات المتحدة بصفتها الداعم الرئيسي للكيان الصهيوني نفس اللغة وتتمتع بذات العقلية إذ يرى الأمريكيون:
– علينا أن نطيع.
– إذا احتججنا، فنحن لا نتصرف بتحضر ونحن حيوان.
– إذا قاومنا، فسوف يطلقون علينا اسم الإرهابيين.
– وإذا التزمنا الصمت، فيسمح لنا أن نعيش كالعبيد.
ها هو الاستعباد في العصر الحديث. لم يعد الاستعمار الجديد يظهر حاملاً السلاسل والأغلال الحديدية، بل يتحدث بلغة الاستخفاف وسياسة ممارسة الضغط الاقتصادي وشنّ الحروب بالوكالة لكي يركع الأمم.
هذا الموقف قديم جداً. إن تاريخ الاستعمار حافل بالأمثلة التي خاطب فيها الدول في الشرق وجنوب العالم التي وأطلق عليها اسم الحيوان من أجل تبرير سلطته. أطلق الأوروبيون على سكان إفريقيا اسم الحيوان عندما احتلوا مناطقها واستخدم المستعمرون البريطانيون والفرنسيون في الشرق الأوسط نفس التعبيرات. تواصل الولايات المتحدة اليوم نفس الطريق ولكنها تستخدم كلمات حديثة تبثها في وسائل الإعلام الحديثة.
إذن فالمشكلة لا تكمن في نفس المبعوث الأمريكي عندما يرى أن شعوب المنطقة حيواناً، بل إن كلماته هي النتيجة الطبيعية نشأت عن سياسات الغرب المتغطرس، ثم تكمن المشكلة في أنفسنا لأننا سمحنا لهم أن يرسموا لنا هذه الصورة. لقد مهد العجز والتشتت والاستسلام وخضوع بعض الدويلات مثل دويلة الجولاني أمام الولايات الأمريكية والصهاينة الطريق لكي يخاطبنا الغرب بهذا الكلمات.
أما التاريخ فهو أثبت أنه تنهار هذه الصورة الزائفة إن نهضت الشعوب. لقد أثبت أهل غزة والمقاومة الفلسطينية أن هذه الشعوب التي تبدو عديمة القيمة عند الغرب، يمكنها مجابهة أحد أقوى الجيوش في العالم.
أجل، نحن مخطئون إن سكتنا وبعنا كرامتنا واعتمدنا على العدو وتجاهلنا قوتنا. فعليك أن تحرر نفسك. إن من أدرك هذه الحقيقة فلن يعتبر عبدا لأمريكا والصهاينة إن شاء الله بل سيكون عبدا لله حراً ولن يتمكن الجولاني وأمثاله من إخضاع المسلمين لعبادة هؤلاء المجرمين لفترة طويلة.
إذن لم يكن الحادث الأخير في لبنان مجرد زلة لسان، بل كان صورة من صور الحقيقة الخفية. لا تعتبر الولايات المتحدة وإسرائيل شعوبنا بشرا وتتعاملان معنا وفقاً لهذه العقلية.
إنهم يقصفون أهل غزة لأنهم يرون أن غزة لا تستحق الحياة.
إنهم يقصفون سوريا ولبنان ويتدخلون في الشؤون الداخلية السورية لأنهم يعتبرون الشعب السوري والشعب اللبناني عديمي القيمة.
وهم يريدون في نهاية المطاف أن تكون المنطقة برمتها مرعى لمصالحهم الخاصة.
فإن طريقنا واضح: إما الشرف في ظل المقاومة، أو الذل” في ظل الاستسلام.
الكاتب: أبو أسامة الشام