
الجولاني: من قتال الطواغيت إلى تقبيل أيدي أسياده الغربيين
زعم الجولاني أن الجهاد في سبيل الله وقتال الطواغيت والمستكبرين، أمر لا غبار عليه لدى كل مسلم ولكننا نرى اليوم أن بوصلته انحرفت وتغير موقفه من صديقه وعدوه وشطب العدو الرئيسي أي الولايات المتحدة وإسرائيل من قائمة الأعداء بل أراد الجولاني أن يتحالف معهما ويشاركهما. كان الجولاني يؤكد في مقابلاته السابقة أن أحداث 11 أيلول جعلتنا نسير على طريق الجهاد العالمي ونتأثر بالقاعدة في جهادها ضد الولايات المتحدة. فهكذا زعم الجولاني أنه يوالي الجماعات الجهادية ومن يقاتل الولايات المتحدة والطواغيت الغربيين. أما الجولاني فهو تخلى اليوم عن الثوابت الجهادية وترك الجهاد بحيث لا نجد عنده عملاً وقولاً جهاديين بل جل ما نجده عند الجولاني اليوم هو قتال بعض الجماعات الصغيرة التي يهتم بها الجولاني الذي فشل فيها كذلك. يقول القرآن: «وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» (البقرة: 190). تجاهل الجولاني هذه الآية عندما يهاجم الخصوم ويصمت أمام الاعتداءات.
أقام الجولاني علاقات سياسية وعسكرية مع تركيا والقوى الإقليمية ووضع الصمت أمام الولايات المتحدة أو تبرير مواقفها وحلفائها على جدول الأعمال. يقدم الجولاني نفسه كمن يذود عن أهل السنة والجماعة ولكنه يستغلّ هويته السنية لتأجيج الكراهية الطائفية بينما أهمل قتال الطواغيت والاحتلال. يحذرنا القرآن في هذه الآية: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ» (المائدة: 8) ولكن الجولاني قضى على العدل لتحقيق المصالح السياسية والكراهية الطائفية.
كما يمكن أن نشير إلى إساءة استخدامه للشعارات الدينية وتفسيره الشخصي للأحكام عندما يصدر فتاوى تقصر الجهاد على الأعداء الصغار ولكن الفتاوى نفسها لا تستخدم لقتال الطواغيت في العالم. إن البندقية التي يجب أن تصوب نحو الطاغوت موجهة إلى صدر الخصوم. يقول القرآن: «وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا» (البقرة: 41). باع الجولاني آيات الجهاد والتوحيد على حساب السلطة وتجاهل ما نصح به محمد صلى الله عليه وسلم.
يشوه تركيز الجولاني على الأعداء وتبرير ممارساته بالشعارات الدينية روح الثورة والجهاد ويجعل الناس يقارنون معيار الدين بالكراهية بدل أن يقارنوه بالعدل والشريعة. أشرنا إلى أن العديد من أتباع الجولاني لا يرون عائقاً في التعاون مع الولايات المتحدة وحلفائها ولكنهم يعتبرون أدنى انتقاد للجولاني فتنة وكفراً. يحذر القرآن «فَنَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ» (التوبة 67)
الکاتب: ابن تيمية