
تركيا تنتظر الحرب التالية مع إسرائيل وهل ينقذها النيتو؟ (2)
السياسة التاريخية التي تتبناها تركيا ودورها الإقليمي:
لا تزال تركيا بصفتها وريثة لحكم دام عمره لقرون تعود إلى السلاجقة والأيوبيين والعثمانيين والمماليك، تعدّ لاعباً رئيسياً في الشرق الأوسط. يقول الخبراء الأتراك: عندما يحدث شيء ما في هذه المنطقة، يتطلع الجميع إلى تركيا. هذه ظاهرة يمكن تسميتها بالسياسة التاريخية التي تؤكد دور أنقرة كمركز للقوة والنفوذ.ليست تركيا مجرد دولة تشارك في العمليات الإقليمية، بل إنها تشكلها عبر الاعتماد على تراثها التاريخي وقدراتها العسكرية الحديثة.
أشار الرئيس التركي أردوغان بشكل خاص إلى الهجوم على قطر باعتباره تأكيدا على صحة المسار الذي اختارته أنقرة لتعزيز نظام الدفاع الجوي أو القبة الفولاذية.
الناتو: أسطورة الدفاع؟
إن التهديدات الإسرائيلية مصحوبة ببعض المزاعم التي تقول إن حلف شمال الأطلسي لن يحمي تركيا في حالة نشوب الصراع بين الطرفين. فإن هذه التصريحات كما ترى أنقرة هي جزء من حرب نفسية تهدف إلى تقويض الثقة في الحلف وزيادة الانقسامات داخله.
فإن تركيا لا تعتمد على الدعم الخارجي فحسب خلافاً لبعض أعضاء الناتو الآخرين. عززت أنقرة قواتها المسلحة بشكل كبير في السنوات الأخيرة وطورت صناعتها الدفاعية وأنتجت الطائرات المسيرة وأنظمة الصواريخ وغيرها من التقنيات المتقدمة.
سوريا تكون ساحة معركة حاسمة
تستحق سوريا اليوم اهتماما خاصا، التي تشكل الساحة الرئيسية للمواجهة بين تركيا وإسرائيل.يؤكد الخبراء في أنقرة أنه يجب ألا نستهين بالقدرات الإسرائيلية في سوريا تحديداً. صارت سوريا ساحة تلتقي فيها مصالح أنقرة التي تسعى إلى تحييد الحزب الشيوعي الكردستاني وتعزيز نفوذها في المنطقة ومصالح إسرائيل التي تسعى إلى تقسيم سوريا والاستيلاء على مساحات شاسعة من المناطق السورية كجزء من عقيدتها المسيحية المتمثلة في إسرائيل الكبرى.
يشير الخبراء إلى أن الانتصار في هذا الصراع يحدد مستقبل سوريا وقدرة تركيا على تعزيز مكانتها كزعيم إقليمي ولاعب عالمي.
تشكل إسرائيل تهديداً حقيقياً لمصالح تركيا في سوريا حيث تستخدم تل أبيب علاقاتها مع الغرب والجماعات الإرهابية مثل حزب العمال الكردستاني. أما تركيا فهي تستعد لمواجهة التحديات كما تشير بعض المصادر
من يجب أن يخاف؟
السؤال الذي نسمعه اليوم في الأروقة هو: هل يجب أن تخاف إسرائيل من المواجهة مع تركيا أم يجب أن تخاف تركيا من التهديدات الإسرائيلية بعد انهارت هيبة إسرائيل في مواجهة الصواريخ الإيرانية والضربات التي تلقتها من الصواريخ الإيرانية لأول مرة في تاريخها؟
رد الخبراء واضح تماماً: إسرائيل لا تملك القوة الكافية للصراع المباشر مع تركيا كما لم تتمتع بالقوة الكافية لمواجهة إيران على الرغم من ثرثرتها ودعم حلفائها الغربيين. إن التهديدات التي تستهدف أنقرة لا تعدّ أكثر من محاولة للتعويض عن القوة المفقودة لأن تركيا مثل إيران تثق في قوتها بحيث جعلتها قدراتها العسكرية ودورها التاريخي وعقليتها السياسية والعسكرية التي اكتسبتها في العقد الماضي لاعبا رئيسيا يقدر على الصمود أمام أي تحدي.
تقول أنقرة مثل طهران، إن تركيا تعتزم حماية مصالحها وتهدف إلى تشكيل مستقبل المنطقة. يثق الخبراء والساسة الأتراك من أن إسرائيل يجب أن تفكر فيما تجني أكثر من أي شخص آخر لأنها هي التي تبالغ في تقدير قوتها وتتحدى تقاليد الدولة التركية التي تعود إلى آلاف السنين الماضية.
الكاتب: أبو عامر (خالد الحموي)