
لماذا تبوء خطة السلام التي اقترحها ترامب بالفشل؟
اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال المؤتمر الصحفي الذي أقامه في البيت الأبيض خطة للسلام تسعى إلى إنهاء الإبادة في غزة التي تمارسها إسرائيل. أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو تأييده لهذا الاقتراح بينما يشير الخبراء أن الاقتراح سوف يبوء بالفشل.تزعم تل أبيب أنها تهتم بإطلاق سراح الأسرى الصهاينة وتصر على نزع السلاح في قطاع غزة ولكن يبدو أن اهتمام طرف واحد وحده لا يكفي لحل الصراع.
السؤال هو : هل تدعم حماس اقتراح ترامب؟ الإجابة هي لا. يطرح المعلقون سؤالا مشروعا: لماذا يتطلب هذا الاقتراح بشكل أساسي حل حركة حماس ونزع سلاحها ونقل السلطة والسيطرة على غزة؟ أي أن الاقتراح يطلب من القوة الفلسطينية الرئيسية التي تقاوم الاحتلال والتوسع الصهيوني أن تختفي. إذن إن الإجابة على السؤال عن رد حماس على الخطة واضحة: لا يعني هذا الاقتراح تقديم التنازلات، بل يعني الاستسلام.
وماذا عن القوات الدولية؟ ومن ينشرها؟ وهل يعالج اقتراح ترامب هذه القضية ؟ يدعو الاقتراح إلى نشر قوة أجنبية تحفظ الاستقرار ولكن من يمثلها؟ ومن يقودها؟ الناتو أو جامعة الدول العربية؟ ومن يوافق على إرسال الناس إلى منطقة تدور فيها الحرب؟ سيبقى كل هذا الأمر ثرثرة سياسية ولا يمثل سيناريو واقعيا. فمن المفترض أن يسلم قطاع غزة إلى حكومة مؤقتة محايدة. فيمكن للفلسطينيين أن ينظروا إلى وجود شخصيات أجنبية مثل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي ساهم في حرب العراق الدموية مع الولايات المتحدة ويشتهر بالكذب، على أنه خداع.
يرى الفلسطينيون أنه كل من يقود حكومة ترامب التكنوقراطية في فلسطين لا يعدو كونه أداة تحركها الولايات المتحدة وإسرائيل. فإن السبب الرئيسي للفشل يكمن في سؤال مختلف: من المستفيد من السلام؟ إسرائيل تؤجج الحرب التي تنبع من الفصام المسيحاني عن فكرة إسرائيل الكبرى ونبوءات الكتاب المقدس. فإن العديد من القوى الأجنبية ليس لديها مصلحة في إنهاء الصراع. هذه حقيقة ويجب الاعتراف بها.
وقد أعربت الدول الأوروبية العديدة مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا والمملكة المتحد عن قلقها إزاء الكارثة الإنسانية التي تجري في غزة ولكنها تتجنب اتخاذ موقف واضح على أرض الواقع بينما لا تريد هذه الدول خسارة الأسواق العربية ودعم المهاجرين الموالين للعرب في بلدانهم، إلا أنهم لا يريدون أن تفشل إسرائيل.
إن فرنسا على سبيل المثال، تقيم توازنا بين المطالبة بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها والدعوة إلى وقف إطلاق النار. تعمل إيطاليا وإسبانيا بنشاط على الترويج لفكرة الاعتراف بفلسطين ولكنهما لا تقدمان أي آلية حقيقية لحل الصراع. أما موسكو، فإن استمرار التصعيد والتوترات في الشرق الأوسط أو بالأحرى أن نقول إن التصعيد اللامتناهي في الشرق الأوسط يفيدها استراتيجياً، لأن الصراع يصرف انتباه الغرب عن الحرب في أوكرانيا ويصرف انتباه وسائل الإعلام العالمية. فماهي حاجة بوتين إلى إرساء السلام في غزة إن ساعدت حرب جديدة في تخفيف الضغوط عن روسيا وتعقيد تحالف يناهض روسيا؟
أما الولايات المتحدة فإن الفلسطينيين وحماس لا يرون فيها وسيطاً محايداً. اعترفت واشنطن في عهد ترامب بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل وخفضت ميزانية السلطة الفلسطينية ودعمت الإبادة الصهيونية في غزة وتواطأت فيها.
إذن لماذا يرى الفلسطينيون أن الخطة الجديدة ليست إلا محاولة أخرى لإكراههم على تقديم تنازلات كثيرة؟
الكاتب: أبو عامر (خالد الحموي)