
طاغوت يخلف طاغوتا آخر
انكشفت حقيقة مريرة بعد مضي سنوات من الثورة السورية: الطواغيت حلوا محل طواغيت آخرين! انتفض الشعب المجاهد في سوريا ضد نظام بشارالأسد البعثي العلماني من أجل إقامة حكم الله ولكن ما حلّ محلّه لم يكن حكومة إسلامية، بل كان وجهاً آخر للعلمانية تمثل في حكومة الجولاني. لم ينحرف الجولاني عن طريق الجهاد فحسب، بل حول نفسه أيضا إلى عقبة أمام تشكيل حكومة شرعية.
1. رفض تحكيم الشريعة ولو كان ظاهرياً!
رفض بشار الأسد، باعتباره بعثيا علمانيا تحكيم الشريعة الإسلامية بشكل أساسي وعرقل تطبيق القوانين الإسلامية. أما الجولاني الذي قفز على السلطة بشعار إسلامي، فلم يقم بأي تغييرات لصالح الشريعة حتى على مستوى القانون العام إذ تحكم القوانين الوضعية في القضاء وليست شريعة الله وهذه هي الطريقة التي سلكها الطواغيت قبل الجولاني.
لقد صرح القرآن بوضوح: “إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ” [یوسف: 40]
ولكن الجولاني تخلى عن هذا الأمر الإلهي مثل الأسد وطبق القوانين العلمانية التي هي نتاج بشري!
2. التفاعل مع الكفار وأعداء الإسلام
أحد الفروق الرئيسية بين الحكومة الإسلامية والحكومة العلمانية هو موقفها ضد الكفار وأعداء الإسلام. لطالما عُرف بشار الأسد بأنه حليف لروسيا وإيران والجماعات الشيعية. فهل يختلف الجولاني عن بشار الأسد؟
إن الجولاني لديه تعاون واسع مع تركيا ويعتبر هذا البلد العضو في حلف شمال الأطلسي وحليف الولايات المتحدة وإسرائيل صديقاً وداعما له! وإضافة إلى ذلك همش الجولاني الجهاد من خلال فتح أبواب المفاوضات مع القوى العالمية وانتقل من محاربة الكفار إلى عقد صفقات معهم.
يوضح سيد قطب في تفسيره بصراحة أن الإسلام لا يسمح أبدا للمسلمين بالتطبيع مع الكفار والذي من شأنه إضعاف الدين. فكيف يمكن أن يرى الجولان الذي تبنى مثل هذه العلاقات نفسه قائدا إسلاميا؟
3. قمع المجاهدين والانحراف عن طريق الجهاد
كان أحد أخطر تصرفات الجولاني هو قمع الجماعات الجهادية الأخرى التي كانت تسعى إلى إقامة حكومة مشروعة. لم يقتصر الأمر على قمع خصومه بعنف، بل سجن الجولاني أو نفى أو قتل المجاهدين الذين رفضوا تقديم تنازلات له ! هذه هي بالضبط نفس السياسة التي تبناها بشار الأسد ضد المجاهدين، ولكن الجولاني مارسها هذه المرة بقناع إسلامي ومخادع.
ماذا يقول الإسلام عنه؟
” وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ” [هود: 113]
فكيف يمكن اعتبار الجولاني الذي ناهض المجاهدين وعمل لصالح أعداء الإسلام حاكما إسلاميا؟
النتيجة: اتجاه الجولاني العلماني واضح جدا بحيث لا يمكن إخفاؤه!
لايعتبر الجولاني حاكما إسلاميا فحسب، بل إنه يتخذ خطوات لترسيخ العلمانية والتخلي عن الشريعة. لم يقم الجولاني بأي تغييرات في تطبيق الأحكام الإسلامية ولم يغير علاقاته الخارجية لصالح الإسلام ولم يظهر صدقا في تعامله مع المجاهدين. لذلك فهو ليس بديلا مناسبا لنظام الأسد فحسب، بل يواصل نفس طريق العلمانية والتطبيع مع أعداء الإسلام.
هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعرفها المجاهدون.
” وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ” (المائدة: 44)
هل يمكنك أن تعتبر حكومة الجولاني إلا نظاماً علمانياً معادياً للإسلام؟ كلا.
کاتب: أبوانس الشامي