
تحليل: هل جندت وكالة المخابرات المركزية الجولاني في عام 2010؟
منذ أن صعد نجم أبي محمد الجولاني في سوريا، كانت تحركاته دائما مصحوبة بأسئلة جذرية حول علاقاته السرية مع الولايات المتحدة وإسرائيل. يؤكد اعتقاله من قبل الأمريكيين في العراق عام 2010 وإطلاق سراحه في ظروف مريبة إلى جانب تغيير موقفه في السنوات الأخيرة على أنه يعمل كعميل في المنطقة ولكن السؤال هو ما إذا كان الجولاني مجرد عميل للولايات المتحدة أم أن إسرائيل كانت متورطة أيضا في هذا المشروع؟
لم يعد الجولاني اليوم يحاول تغطية مواقفه، بل يتحرك علنا لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.
1. الإفراج عن الجولاني من سجن أمريكي في العراق: بداية مشروع التسلل
كان الأمريكيون في العراق في عام 2010 يطبقون سياسة ضرب تنظيم القاعدة وإبادتها ولكن تم إطلاق سراح الجولاني الذي كان أحد كبار قوات القاعدة في العراق في تلك الظروف. لا يمكن اعتبار هذا الحادث “خطأ استخباراتيا”، بل يبدو أن الجولاني توصل إلى اتفاق سري مع الولايات المتحدة وانتقل الجولاني على الفور إلى سوريا بعد إطلاق سراحه وأسس جبهة النصرة التي سرعان ما اكتسبت قوة بدعم مالي ولوجستي من بعض أجهزة الاستخبارات الإقليمية.
السؤال الأساسي: إذا كان الجولاني عدوا للولايات المتحدة، فكيف خرج من سجون الولايات المتحدة وجاء إلى سوريا دون أية مشكة واكتسب السلطة؟
2. سياسات الجولاني لخدمة مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل
يتضح لنا بعد النظر إلى تصرفات الجولاني في السنوات الأخيرة أنه أصبح عميلا للغرب وأن كل سياساته تتماشى مع مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.
أ) من “الجهاد” إلى التطبيع مع الولايات المتحدة
قطع العلاقة مع القاعدة عام 2016
أعلن الجولاني في خطوة تتماشى تماما مع ما تريده الولايات المتحدة أنه ينفصل عن القاعدة. جاء ذلك في وقت كانت فيه الولايات المتحدة تضغط على الجماعات الإسلامية في بلاد الشام وأرسل الجولاني رسالة مفادها أنه مستعد للتعاون مع الغرب.
مفاوضات وراء الكواليس مع الأمريكيين وتركيا:
حاول الجولاني في السنوات الأخيرة، مرات عديدة أن يعرض نفسه على أنه “زعيم معتدل” لدرجة أن وسائل الإعلام الأمريكية مثل PBS و Frontline قامت بالترويج له.
الجهود المبذولة لكسب الشرعية الدولية:
لقد صرح الجولاني مراراً أنه يبحث عن علاقات دولية، ما يشير إلى تحوله من “جهادي” إلى “رجل سياسي مرتزق” يخدم الولايات المتحدة.
ب)التعاون غير المباشر مع إسرائيل وتسهيل نفوذ تل أبيب في بلاد الشام
لن نهدد إسرائيل!
على الرغم تواجد الجولاني في بلاد الشام، لم يشكل الجولاني أبدا تهديداً لإسرائيل عندما تقاتل المقاومة الفلسطينية والجماعات الجهادية الأخرى إسرائيل باستمرار ولكن الجولاني وجماعته لم يتخذ أي إجراء ضد الصهاينة إذ كان بإمكانهم استهداف إسرائيل.
السيطرة على مناطق استراتيجية في الشمال السوري لصالح إسرائيل
منع الجولاني في من إدلب وكذلك حلب تحركات الجماعات الجهادية المعارضة لإسرائيل وبسطت إسرائيل والولايات المتحدة تحكمهما على العديد من الجماعات الأخر عبر تصرفات الجولاني.
الدعم الاستخباراتي لإسرائيل في سوريا
ومن أهم الاتهامات الموجهة إلى الجولاني أنه قدم معلومات عن بعض الجماعات الجهادية لأجهزة المخابرات الغربية والإسرائيلية.
ويعزز هذا الاحتمال أن إسرائيل استهدفت مواقع المجاهدين الصادقين وهذا المستوى من الدقة يشير إلى تواجد مصدر استخباراتي قوي في سوريا.
ج) تمهيد الطريق لـ “الاعتراف بإسرائيل”
موقف الجولاني الخفي من إسرائيل
صرح الجولاني في الآونة الأخيرة وفي عدة مقابلات أن المشكلة الرئيسية في سوريا ليست إسرائيل بل إيران ونظام الأسد!
هذا الموقف هو بالضبط نفس موقف الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين تريدان تجاوز العداء مع إسرائيل والتركيز على “مواجهة إيران”.
القضاء على الجماعات المناهضة لإسرائيل في سوريا
شن الجولاني في السنوات الأخيرة حملة شرسة على الجماعات التي اتخذت موقفا مناهضا لإسرائيل وقضى على التهديدات ضد تل أبيب في شمال سوريا.
3. النتيجة: الجولاني أداة مشتركة للولايات المتحدة وإسرائيل
يتضح من خلال فحص هذه الاتجاهات أن الجولاني لم يشارك فقط في المشروع الأمريكي منذ عام 2010 ولكنه اليوم ينفذ بشكل غير مباشر السياسات الإسرائيلية في بلاد الشام.
استخدمت الولايات المتحدة الجولاني لاحتواء الجماعات الجهادية الحقيقية كما عززت إسرائيل من خلال الجولاني وجودها في بلاد الشام وقمعت أعدائها لم يعد الجولاني يعتبر عدوا لإسرائيل بل إنه قد يطبع العلاقات مع إسرائيل قريبا!
الجولاني ليس زعيما جهاديا، بل هو مرتزق يخدم سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل.
الكاتب: أبو أنس الشامي