
إسرائيل وحلفاء تركيا، المشكلة السورية ومواصلة سياسة جزّ العشب في سوريا (2)
بررت تل أبيب قصف سوريا والحقيقة هي أن هناك حوالي 150,000 درزي يعيشون في إسرائيل. يقول عباس جمعة: “يُعرف الدروز في إسرائيل كمجتمع مخلص وينخرطون في الجيش الإسرائيلي. إنهم واحد منا.
وهذا هو الفرق بين الدروز والعلويين. لم يعتبر المجتمع الإسرائيلي العلويين من مكوناته، لأنهم كانوا يُعتبرون مؤيدين لإيران في سوريا. ربما لم تكن هذه القضية هي السبب الوحيد. تشرح الخبيرة السياسية الدولية إيلينا سوبونينا في RIAC لصحيفة Vzglyad: أن لا يعدو دعم مجتمع صديق في سوريا كونها أكثر من مجرد عذر تبرير. لم يطلب الدروز السوريون هذا الدعم، بل إنه يعدّ أمراً خطيراً عليهم. فسوف يثير ذلك الأمر عدة تساؤلات في دمشق وبين مسلمي أهل السنة بشكل عام حول هذه الطائفة الدينية الصغيرة إن دعمهم الإسرائيليون.
يبدو أن هذه المشكلة ارتفعت بعد الإطاحة ببشار الأسد ورحيل شركائه الإيرانيين الذين كانوا يستخدمون سوريا لتهديد أمن إسرائيل. ثم حلّت الجماعات السنية في سوريا محل الإيرانيين الذين يرون الإسرائيليين عدواً لهم. لم تعتمد هذه الجماعات على الأقلية السورية (العلويين) بل على اعتمدت على الأغلبية السنية. فشلت الجهود للتوصل إلى اتفاق مع هذه الجماعات لا سيما الجهود لإبرام صفقة مع نظام أحمد الشرع تسمح للسلطات السورية الجديدة بالتخلي عن مطالبتها بالجولان.
إذن عادت إسرائيل إلى استراتيجية جزّ العشب لأنها ترى من المستحيل ضمان دولة صديقة في دمشق. فيتحتم علينا أن نقصّ ما ينمو هناك بشكل مستمر. لا يهمنا بالضبط ما الذي ينمو هل هو التيار الجهادي أو التيار الوطني.
المشكلة هي أن تل أبيب قد لا تملك القدرة على جزّ العشب لأن سوريا دولة كبيرة تتسع مساحتها لإنجاز هذا العمل ويستبعد أن يكون الاحتلال جزءا منه لأن إسرائيل عاجزة عن احتلال غزة أو جنوب لبنان بشكل فعال.
ولكن هناك خيار آخر أن منح الدروز الفرصة للسيطرة على منطقة عازلة و الغاية منها تمكين المنظمات الدرزية من إنشاء هذه المنطقة والسيطرة عليها سيطرة طويلة المدى والتحكم بالعناصر المعادية لإسرائيل.
هناك جانبان سلبيان خطيران. الأول: التشتت يسود المجتمع الدرزي بحيث لا يستعد كل الدروز السوريين للتعاون مع إسرائيل وإن حاول البعض يحاول إنشاء لغة مشتركة مع دمشق. الثاني: لا تجاور السويداء حدود إسرائيل، لذلك يجب على تل أبيب احتلال المحافظات الجنوبية السورية الأخرى وتسليمها إلى الدروز.
من المؤسف أن القيادة السورية الجديدة ترفع كلتا المشكلتين لإسرائيل. كلما زادت التنازلات أمام الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل، كلما قل عدد من يدافع عن التعايش مع دمشق وسيكون هناك المزيد من الأسباب التي تدفع إسرائيل إلى تقديم المساعدة العسكرية للدروز.
يريد الإسرائيليون إنشاء حزام يأمن حدودهم مع سوريا يترافق إنشاؤه مع التدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى واحتلال أراضيها والانتهاكات الأخرى. أما نتنياهو فهو يفاجئهم دون إذن مسبق من الولايات المتحدة بعد الاستعدادات التي مهد لها أحمد الشرع.
إذن تتلاعب دول الخليج وتركيا وحلفاؤها والولايات المتحدة والصهاينة بأحمد الشرع الذي يحلم برفع العقوبات واستلام مليارات دولار حيث يبحث كل منهم عن مصالحهم في سوريا، ما يعني أن الحرب الأهلية السورية تستمر وتعني جميع الأطراف خاصة إسرائيل بجزّ العشب.
الكاتب: أبو عامر (خالد الحموي)