
لو كان شيخ الإسلام ابن تيمية یحيى اليوم ، بمَ يفتي عن الجهاد والولاء للحق وعصابة الجولاني؟
عندما غزا المغول المحتلون أرض الشام ورافقهم المسلمون الذين يتسترون بزي إسلامي، فقال شيخ الإسلام ابن تيمية قولاً بقي عبر التاريخ يتلألأ في ظلمة الدهشة والشكوك ويكشف عن حدود الدين القويم ويفضح المراوغين الذين تستروا بزي إسلامي حيث قال الشيخ رحمه الله: “إذا رأيتموني من ذلك الجانب (التتار) وعلى رأسي مصحف، فاقتلوني” (البداية والنهاية، ١٤/٢٨).
لم يكن هذا مجرد كلام أراد الشيخ رحمه الله التحذير، بل كان ميثاقاً سجل للأجيال القادمة كلها وكانت رسالة لكل من قد يخدم الباطل في ثوب الدين. أدرك ابن تيمية أن الحق لا يسجنه الظاهر وأن معاداة الله قد تحدث في ظل القرآن.
لقد فهم الشيخ رحمه الله أن الفتن قد تظهر باسم الدين قد لا يستلّ العدو سيفه، بل إنه يرفع القرآن ولكنه ينافق. يعز علينا في هذه الحالات معرفة الحقيقة ويضيع صوتها في ضجيج الشعارات المزيفة ولكن الشيخ رحمه الله وقف وصمد دون أي مسامحة وتساهل وحذر الأمة: “المعيار هو الحق وليس العمامة، ولا المسبحة ولا رفع القرآن!”.
فما أجما ما قيل: “الحق لا يُعرف بالرجال، بل تُعرف الرجال بالحق.”
إن الحقيقة لا تعرف بالأسماء ولا بالوجوه، بل تُعرف سريرة الناس بمدى تمسكهم بالحقيقة.
لا يجد ابن تيمية الجهاد في ساحة المعركة فحب، بل كان ينقب عنه في مضمار التمييز وفي ساحة الثبات على المبادئ.
وهذه هي الرسالة العظيمة التي أرسلها الشيخ رحمه الله: لا يُستثنى أحد في طريق الحق وإن كان ذلك الشخص أنت نفسك.
فإن الجهاد في سبيل الله لا يقتصر على ترديد الشعارات فحسب وفقاً لهذا المنطلق الفكري، بل يجب التمسك بالمبادئ وثوابت الشريعة التي تشمل الجهاد في سبيل الله.
إن تحالفت أنت يوما مع أعداء الله وجئت بألف تبرير، فأنت تخرج من دائرة الحق وإن رفعت القرآن وتحدثت باسم الدين. هنا تحمل كلمات ابن تيمية رحمه الله معنى محدداً. إن تحالفت مع الأعداء فلن ينقذك القرآن من حكم الله تعالى.
وهذه هي الرسالة التي يرسلها لنا الرجال المخلصون:
– الجهاد في سبيل الله يعني الثبات على الحق وإن أُكرهت على أن تعارض نفسك.
– الجهاد يعني أنه يجب عليك أن تتراجع عن الباطل إن أدركت أنك وقعت فيه وإم كلفك ذلك ثمناً باهظاً.
– الجهاد يعني أن تولي اهتماماً بالغاً على الولاء للحق يفوق أي علاقة أو شهرة أو مصلحة.
– الجهاد يعني أنك تفضّل النقد الذاتي على مدح نفسك.
– الجهاد يعني أن تجعل الحقيقة معياراً وإن فقدت كل شيء لديك.
لقد وجدت هذه الكلمة النارية في يومنا هذا صداها عندما تحالف جبهة الكفر بسلاحها وإعلامها واقتصادها وثقافتها وسياستها لمحاربة الإسلام، فلم تكتف بذلك فحسب بل أنتجت قادة جهاديين مثل الجولاني. تقود الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحلفاؤها الآخرون هذا التحالف وهم من أبرز أعداء الله تعالى. فأنتجت هذه الدول بساطة بالغة رجلاً يقود المؤمنين ثم قضت على ثوابت الجهاد.
فإذا كان الشخص جندياً أو كان قائداً يشبه الجولاني أو كان عالماً شهيراً أو كان داعية وانتمى إلى صفوف الأعداء ودعمهم بلسانه وتحول إلى غطاء ديني لمشاريعهم السياسية وخدمهم بأفعاله ، فلا ينقذه أي شيء من الباطل ويشمله كلام ابن تيمية رحمه الله إذ يقول: إذا دعمت أعداء الله ولكنك ترفع القرآن، فإنك سوف تستحق العقوبة التي يستحقها العدو.
ولو وقف ابن تيمية إلى جانب المغول الذين تظاهروا بأنهم مسلمون، لأصدر حكماً بإعدام نفسه. فكيف يمكن للمرء اليوم أن يبرر الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل ؟
هل تفوق مكانته مكانة ابن تيمية ؟
فلنتعلم أن الولاء للدين يعني الولاء للحق وإن عارضك ذلك وهذا من ثوابت الجهاد في سبيل الله وجوهره.
انظر أي موقف وقفت؟
الكاتب: أبو أسامة الشامي