
في ظل الإبادة الجماعية في غزة، تركيا كمحفز لنظام عالمي جديد أم… (3)
استخدم الرئيس التركي أردوغان الذكرى الثمانين لميثاق الأمم المتحدة لمهاجمة الظروف الراهنة في العالم إضافة إلى المسرحية السياسية التي مثلها عن غزة والحرب الزائفة التي يزعم أردوغان أنه دخلها مع الصهاينة. فتردد شعاره المعروف مرة أخرى في قاعة الأمم المتحدة: العالم أكثر من خمس دول وشدد على الحاجة إلى إصلاح النظام الدولي وأيد مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة لإصلاح هذه المنظمة واقترح أن تكون اسطنبول مركزا لهياكلها وأكد على دور تركيا كجسر يصل بين الشرق والغرب وقدم بديلاً لهيمنة مجموعة الخمس.
يتضح أن تركيا تبحث عن مكان مرموق في النظام العالمي الجديد أي أنها تبحث عن التوازن بين حلف شمال الأطلسي وروسيا والصين والعالم الإسلامي، ما أثبتته تركيا اليوم في سوريا والقوقاز، حيث يتزايد نفوذها.
أثبت خطاب الرئيس التركي أردوغان أن أنقرة تريد الرد الأزمات وتنوي تشكيل روايتها. إن اعتراف أكثر من 140 دولة بفلسطين والتي كانت تركيا واحدة منها يسعى وراء تنفيذ مؤامرة حل الدولتين البريطانية خلال الانتداب على فلسطين والتي اعتراف بها أنور السادات وحصل ياسرعرفات على جائزة نوبل للسلام لتقديمه هذه المؤامرة لكي تتعزز قوة تركيا الناعمة بين من يخون القضية الفلسطينية ويزيد انتقاد إسرائيل دعم الجماهير الإعلامية التي لا تدرك النهج الإسلامي الصحيح.
يعلم الجميع أن تركيا لا تفعل أبدا أي شيء من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد التوترات مع الولايات المتحدة والصهاينة وشركائهم لأن التصعيد قد يعقد العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث لا تزال تركيا تعتمد على العلاقات الاقتصادية.
على الرغم من أن أردوغان يجعل قضية فلسطين بطاقة عمله كما فعل في السنوات السابقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة،، إلا أنه في عام 2025، تم تعديل التركيز على الإبادة الجماعية وإصلاح الأمم المتحدة بطريقة يمكن أن يؤدي التأخير في العمل ضد إسرائيل إلى ضياع النفوذ في الأمم المتحدة.
هناك ملاحظة أخرى خفية يشير إليها المعلقون أي أن أردوغان يعبر بوضوح عن التذمر المتزايد للدول العديدة من سلطة الغرب خاصة الولايات المتحدة التي أدت إلى الفوضى وهدد بأزمة عالمية وقد تكسب إيران اليد العليا في المناطق الإسلامية إذا لم يرد الغرب ويمكن لتركيا تغيير مسارها السياسي وتعزيز موقفها كبديل وتشكيل كتلة جديدة مع روسيا والصين.
فإن التصريح الواسع النطاق الذي نشره الزعيم العلماني والقومي التركي عن تحالف استراتيجي محتمل بين تركيا والصين وروسيا قبيل عقد الجمعية العامة للأمم المتحدة واجتماع أردوغان مع ترامب لم يكن عملا عبثياً، لأن خطاب الرئيس التركي أردوغان مناورة استراتيجية في عالم السياسة، حيث كانت إحدى الروايات الرئيسية هي أن العالم أكثر من خمس دول.
الكاتب: أبو عامر (خالد الحموي)