المصلحة أم الخيانة؟ تحديات الحكومة السورية الجديدة
قلت: ” لم لا تقاتلون أنتم الذين يزعمون الإسلام الولايات المتحدة التي قتلت الملايين من المسلمين؟ أليست هذه خيانة للجهاد؟”
فرد عليّ: “أنت تجهل الحكمة ولا تدرك السياسات اليوم! لم نقاتل الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن رفعت العقوبات عن سوريا؟ هل يعقل أن نلقي أنفسنا في دوامة القتال معهم، عندما نستطيع إعادة بناء الاقتصاد السوري المدمر من خلال القرب من الولايات المتحدة والحكومات العربية وأن نتجنب الخسائر السياسية والاقتصادية؟
 أما أنا فهمستُ هذه الآية: ” فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ” (المائدة: 52)
 فقلتُ له: “تنفعكم الولايات المتحدة اليوم، فلماذا لا تقاتلون إسرائيل التي تعادي الإسلام منذ بداية وجودها وغزت أراضيكم وقتلت المسلمين؟”
فردّ عليّ: يقتضي فقه المرحلة والمصلحة ألا نقاتل إسرائيل اليوم للحفاظ على الحكومة السورية الجديدة وتعزيزها. ما يهمنا هو الاستقرار وإعادة الإعمار وليس الحرب مع الأعداء الأجانب.
قلت: “اتعظوا بما فعل طالبان!” فهم ردوا بشكل حاسم عندما استهدفت باكستان التي تزعم أنها دولة إسلامية ولم تتلوث يدها بدماء عشرات الآلاف من النساء والأطفال المسلمين، مناطق من أفغانستان. ألا تتمتعون أنتم بهذه الشجاعة والكرامة؟
قال: “هناك بون شاسع بيننا وبين طالبان. نحن أبناء سوريا وعقليتنا تتلاءم مع ظروف سوريا وواقعها وليست مع جغرافية أفغانستان.
قلت: يا إلهي! لم أكن أعرف أن للشريعة والقرآن أحكام منفصلة لكل منطقة، بل إنها قد تتناقض بعضها مع البعض! ألم يقل القرآن: ” وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ” (البقرة: 190)؟
هل يستثني الله تعالى السوريين؟ ألم تمنعكم المصلحة من الجهاد في سبيل الله؟ كيف تزعممون اتباع الشريعة وأنتم تتجاهلون أعداء الإسلام؟ وتتطلعون إلى تسوية مع الطاغوت؟
قال متردداً: نحن نواجة ظروفاً عصيبة. لا يمكننا نقاتل ونعادي الجميع. يجب علينا تعزيز أسس الحكومة في البداية.
قلت: “هذه الأعذار هي ما حذر منه القرآن: “وَيَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ” أنتم تخافون من الأيام وتنسون ان العزة لله وحده: مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا (فاطر: 10)
سوف يصيبكم الذل إن اعتمدتم على الأعداء. إن الجهاد الحقيقي  يرفض التطبيع مع أعداء الله، بل يدعو إلى الوقوف ضد الظلم والدفاع عن الحق وإن كلفكم الحياة.
الکاتب: ابن تيمية





