محاضرة بعنوان: الجهاد وتجاوز العقبات للشیخ اسامة بن لادن تقبله الله (1)

محاضرة بعنوان: الجهاد وتجاوز العقبات للشیخ اسامة بن لادن تقبله الله (1)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد:

فالحمد لله على ما قضى وقدّر، والحمد لله على كل حال، فُجعنا وإياكم في الأيام الماضية بمقتل علمٍ من أعلام الجهاد والدعوة، نرجو الله سبحانه وتعالى أن يجزيه خير ما جزى عالمًا عن أمته، كان من أوائل المجاهدين الذين رفعوا السلاح في وجه دولة الكفر والإلحاد روسيا أخزاها الله، خرجت في نهاية المطاف خاسرةً مدحورةً مرغمة الأنف.

رحم الله الشيخ (جميل الرحمن) رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنّاته، فلقد كان رحمه الله كما شهد له بذلك أوائل المجاهدين الذين بدؤوا الجهاد معه، وقد سمعت من الشيخ (جلال الدين حقاني) يحدث مرة، قال: كنت والشيخ (جميل الرحمن) في مجلسٍ للمولوية في بداية الجهاد، فأنكروا علينا كيف نبدأ الجهاد ضد الدولة ولا إمام لنا، قال وإذ يُيسر الله سبحانه وتعالى ونتذكر أن أبا بصير -رضي الله عنه- بدأ الجهاد ولم يكن له إمام فذكرنا ذلك لهم فلم ينطقوا بجواب، ومنّ الله علينا وبدأنا الجهاد في سبيل الله، وهو يرحمه الله كان له مع سبقه في الجهاد باع مشهود في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ففتح المعاهد والمدارس لدعوة الناس إلى التوحيد الصحيح، فنرجو الله سبحانه وتعالى أن يغفر له ويرحمه ويجازي الذين كانوا سببًا في مقتله بما يستحقون، وعجبًا لهؤلاء كيف يتجرؤون على قتل مسلم، بل كيف يتجرؤون على قتل علمٍ من أعلام المسلمين ومجاهدٍ من كبار المجاهدين، وقد قدر الله سبحانه وتعالى وعظّم حرمة المسلم تعظيمًا شديدًا حتى جعل له من الوعيد نار جهنم نسأل الله العافية، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} .

وحذر من ذلك رسولنا – صلى الله عليه وسلم -، فقد صح عنه في الحديث الصحيح: “لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق” ، هذه الدنيا بأسرها أهون أن تزول من قتل مؤمن بغير حق، وقال – صلى الله عليه وسلم: “إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار” والأحاديث في هذا كثيرة، وصح عنه – صلى الله عليه وسلم: “إن أول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء” أول ما يقضى بين الناس، وجاء في الحديث عند هذه الآية في تفسير ابن كثير رحمه الله، الحديث عنه – صلى الله عليه وسلم: “من أعان على قتل مسلمٍ بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبٌ بين عينيه آيسٌ من رحمة الله” نرجو الله أن يعافينا وإياكم من أن نعين أحدًا على قتل مسلم، وإننا نفرنا نبتغي الرضوان من الله سبحانه وتعالى ونبتغي الجنان، ما نفرنا حتى نعين على قتل مسلمٍ ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وأذكر نفسي وإخواني بأن نحذر كل الحذر من آفات اللسان وكما في حديث معاذ رضي الله عنه: “وهل يكب الناس على وجوههم -أو قال مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم” وكم من مسلم يعين على قتل مسلم من حيث يدري ولا يدري، يلصق التهم جزافًا بلا دليل ويشهد شهادات الزور وهي من أكبر الكبائر ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وكذلك بيّن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شدة الحذر من الخوض في دماء المسلمين وفي أعراضهم، ففي المحافل العظيمة وفي اجتماع المسلمين كان يحذر – صلى الله عليه وسلم – كلما اجتمع جمع عظيم من المسلمين يحذر من الخوض في دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم،

كما في الصحيح في يوم عرفة عندما نزل بطن الوادي -وادي عرفة- قال – صلى الله عليه وسلم: “وإن دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا” .

وصح عنه في صحيح مسلم – صلى الله عليه وسلم: “كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه” .

فيا عباد الله تذاكروا بالخير وتناهوا عن الشر وليكن تذاكرنا بالمعروف، وأيضًا ننهى بعضنا عن الشر بالمعروف كما أمر ربنا سبحانه وتعالى.

وقد حذر سبحانه وتعالى من الإشاعة ومن نقل الأخبار قبل التثبت والتريث ففي ذلك آيات وفيها أحاديث صِحاح، فمن ذلك قوله سبحانه وتعالى مخاطبًا المؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} .

من رحمته بنا سبحانه وتعالى يحذرنا وينبهنا بهذه الآيات العظيمة حتى نجتنب مواطن السوء، وجاء في سبب نزول هذه الآية أنه – صلى الله عليه وسلم – أرسل الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق يطلب صدقاتهم، فذهب الوليد وكان بينه وبينهم إحنةٌ في الجاهلية وبعض شحناء، فلما علموا به خرجوا يحتفلون ويستقبلون رسول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فوسوس له الشيطان أنما يريدون قتله فرجع -قبل أن يصل إليهم- إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وقال إن بني المصطلق قد منعوا زكاتهم، وفي رواية قد ارتدوا، فغضب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وغضب المسلمون وما زالوا يتحدثون حتى هموا بغزوهم، وفي رواية أنه أرسل إليهم خالد بن الوليد رضي الله عنه، فجاؤوا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبينوا أنهم لم يمنعوا زكاتهم ولم يرتدوا فأنزل الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} .

فلنتقِ الله في نقل الأخبار، ولنتقِ الله في الإشاعة التي ليس منها فائدة إلا الضرر والضِرار على المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وقد قال سبحانه وتعالى محذرًا من نقل الأخبار قبل أن يُتأكد منها وقبل أن تُرجع إلى أولياء الأمور ليتأكدوا ويستنبطوا ما هو صالح منها وما هو الحقيقي منها فيحقوه وما هو الباطل فيبطلوه، قال سبحانه وتعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ … } ، يقول ابن كثير -رحمه الله- عند هذه الآية: إنكارٌ ووعيد لمن يبادر إلى الأخبار فينقلها ويفشيها ويسعى بها قبل أن يتحقق من صحتها.

وقال الطبري رحمه الله: أولي الأمر منكم، أي لا بد أن تُرجع الأمور إلى أولياء الأمور، إلى أهل العلم، إلى من ولاه الله أمرنا في الحرب، تُرجع إليهم الأمور حتى هم يشيعوا ما كان في إشاعته حسن ويمنعوا ما كان في إشاعته إساءة للمسلمين.

فهذا ما أحببت أن أذكر نفسي وإخواني بين يدي محاضرتنا عن الجهاد وتجاوز العقبات، أرجو الله سبحانه وتعالى أن يعافينا وإياكم من الخوض في الفِتن، وكما قال الإمام أحمد -رحمه الله- عندما كان يُسأل عن الفتنة التي حصلت في زمن علي ومعاوية رضي الله عنهما، فكان يقول: “تلك فتنة سلم الله أيدينا وسيوفنا منها فلتسلم ألسنتنا” ، وكذا نقول هذه الفتنة التي حصلت في (كُنر) بين المسلمين سلم الله أيدينا وسيوفنا منها فلتسلم ألسنتنا منها.

وأقول قد من الله سبحانه وتعالى على أخيكم وبعض إخوانه بالسعي منذ أن علمنا ببدء الفتنة قبل بضعة أشهر بين الحزب وجماعة الدعوة، فسعينا بين الشيخ (جميل الرحمن) عليه رحمة الله وبين المهندس منذ أكثر من ثلاثة أشهر لإنهاء الخلاف قبل أن يستفحل ولكن قدّر الله وما شاء فعل.

ثم منّ الله عندما علمنا بالأمر من جديد بدأ واستفحل، منّ الله وسعينا كما أمر الله سبحانه وتعالى بالصلح بين المؤمنين وأخذنا تفويضًا من الحزب ومن الشيخ جميل الرحمن -عليه رحمة الله- لتشكيل لجنة قضاء ارتضى الطرفان هذه اللجنة، وهذه اللجنة تحكم بينهم بكتاب الله سبحانه وتعالى وبسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم -، فما ينبغي لمسلم أن يتعجل أو يحكم بين يدي كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – من بعد وعلى جهل وبغير بصيرة، وإنما طالما ارتضوا هذه اللجنة ننتظر حكم الله وحكم رسوله – صلى الله عليه وسلم -، فإذا ظهر الحق كنا أعوانًا للحق وكنا من أهل الحق وكنا مع أهل الحق، فتريثوا تسلموا يرحمني الله وإياكم.

واللجنة إلى هذه اللحظات هي في (باجاور) وفي (كُنر) تتابع السعي للصلح بعد أن منّ الله وأوقفت إطلاق النار بين الفئتين المسلمتين، وينبغي الإشارة هنا أن القتال بين المسلمين كبيرة عظيمة وأمر جسيم أن يبدر من المسلمين لما ذكرنا من الآيات والأحاديث الصحيحة عنه – صلى الله عليه وسلم -، ولكن ينبغي أن لا يتوهم متوهم أن هذا لا يقع بين المسلمين وإلا لما جُعِلت له هذه الآيات وهذه الحدود وقد قال سبحانه وتعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} فوصفهم أنهم مؤمنين ووصفهم بأنهم اقتتلوا، فهذا يحدث وقد حدث في خير العهود رضي الله عنهم وأرضاهم، فينبغي أن لا يكون ذلك سببًا لترك الجهاد وإنما أمران من أمور الشرع جاءا فلا تعارض بينهما، جاء الأمر بالقتال بقتال الكافرين حتى لا تكون فتنة، وجاء الأمر بالإصلاح، فلا يتعذر المتعذر بأن يترك الجهاد لأن هذه الفتنة حصلت، وإنما على الإخوة أن يستمروا في جهادهم حتى تُحرر كابل وتُحرر أفغانستان من الكفر ويكون الدين كله لله، وينبغي على أهل الحل والعقد في الإخوة أن يسعوا للصلح بين أي فئتين تتنازعان على أي أمر من الأمور.

قبل أن أنتقل من هذه المقدمة أحب أن أؤكد على أنه منهجنا وهو أمر ربنا سبحانه وتعالى أن نعتزل الفِتن كما أشار بذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم: “ستكون فتن المضطجع فيها خير من القاعد والقاعد خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي” ، وفي الحديث الآخر: “فليسعك بيتك ولتبكِ على خطيئتك” .

فأقول لا بد من استمرار الجهاد، وهذا الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة كما في الحديث عنه – صلى الله عليه وسلم: “لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك” فالجهاد ماضٍ إلى قيام الساعة لا يضره تثبيطك أو إرجافك وإنما من جاهد فلنفسه، فأقول مع استمرار هذا الجهاد هناك تنبيهات ينبغي التنبه لها وهي اعتزال أي نزاع مسلح أو غير مسلح بين أي فئتين من فئات المجاهدين، وقد نبهنا إخواننا منذ زمن طويل منذ أن منّ الله علينا وأتينا إلى ساحات الجهاد أن نعتزل مواطن الفِتن، فيبقى هذا في ذهنك ولست أنت بقادم حتى تُستعطف من جهة فتظن أن معها الحق ولكن بعد أن يتبين الحق تكون من أعوان الحق ومن أهل الحق، أما قبل ذلك فليس لك أن تنضم إلى فئة دون أخرى، وجئت لكي تنال الرضا والرضوان فتبوء بالإثم والغضب ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فأبشركم أن اللجنة بفضل الله أعمالها ماشية وسارية وهم في كل يوم ينتقلون من نقطة قد ثُبِتت نحو الصلح ونحو إعطاء الحقوق إلى أمور أخرى نرجو الله أن يجزيهم الخير ويمن عليهم بالسداد والتوفيق، والحمد لله رب العالمين.

موضوع محاضرتنا (الجهاد والعقبات) :

والجهاد هو في رأس القمة، لأن العقبات عدة ولكن الجهاد هو أعلى شيء فهو بإذن الله يتجاوز جميع العقبات، فالجهاد وتجاوز العقبات، الجهاد كما في الحديث الصحيح: “رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله” .

وهناك عقبات قبل الوصول إلى الجهاد، سنذكرها جملة في هذه المحاضرة دون تفصيل، وهناك عقبات لا يمكن تجاوزها إلا بالجهاد.

وأما العقبات التي تقف دون الجهاد فهي كثيرةٌ جدًا على تفصيلات وتشريعات فيها إلا أنها يجمعها قوله سبحانه وتعالى، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} .

فلو تدبر الإنسان هذه الأصناف الثمانية، فرُب رجل قد ينجو من سبعة ويقع في الثامنة، وما تجده بالنسبة لك سهلًا قد يكون على غيرك عقبة تعوق، فالسعيد من تجاوز هذه الأصناف الثمانية ووصل إلى أن يكون حب الله والرسول والجهاد في سبيل الله أحب إليه من هذه الأصناف الثمانية.

ثم هذه الأصناف يستطيع الإنسان أن يتجاوزها بمفرده، وإن وجد له أعوان كان خيرًا على خير، ولكن هناك عقبات بالمجمل تنحدر من الكفر والشرك يصعب على الفرد أن يزيل هذه العقبات وأن يتجاوزها ويزيلها من طريق الدعوة إلا بهذه العبادة العظيمة؛ عبادة الجهاد في سبيل الله، فلا يمكن كف بأس الكفار إلا بهذه العبادة، بالقتال، ولا يمكن إحقاق الحق أمام الكافرين الطغاة المتعجرفين الذين أعدوا العدة والسلاح، لا يمكن إحقاق الحق ولا يمكن إبطال هذا الباطل وقطع دابر الكافرين إلا بالقتال، ولا يمكن إنهاء الفتنة وأن يكون الدين كله لله إلا بالقتال، وأيضًا لا يمكن أن يُضعف كيد الشيطان وأولياء الشيطان إلا بالقتال، هذا تفصيل فيما ذكرنا، ولا يمكن للكفرة أن ينتهوا عن الطعن في الدين صباح مساء في صُحفهم وجرائدهم وإعلامهم إلا بالقتال، وإن شئتم اسمعوا إلى قوله سبحانه وتعالى مبينًا أن إحقاق الحق يكون بالقتال، قال سبحانه وتعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} ، فإحقاق الحق بكلماته، يقول ابن كثير والطبري عليهم رحمة الله: أي بأمره إياكم بالقتال في سبيل الله يوم بدر.

فيا طُلاب الحق، يا من تريدون أن تُحقوا الحق: هذا هو السبيل (ويريد الله) ، رغم أنهم خير الناس -رضي الله عنهم- لم يُحابِهم سبحانه وتعالى وقد كانوا يودون العير بنص الآية ولكن سبحانه وتعالى يريد إحقاق الحق، وقال سبحانه: {وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} وكذلك لا يكون الدين كله لله ولا تنتهي الفتنة، فتنة الناس يدعونهم إلى أبواب جهنم يغرونهم بمناصب في الأحزاب الكفرية وبإمكانيات مادية وبالجاه والسلطان إلى أن يتركوا هذا الدين، فهذه الفتنة في هذا الدين أو بالسجن والتعذيب ترهيبًا وترغيبًا، هذا كله لا ينتهي إلا كما أخبر سبحانه وتعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه} .

وكذلك لا ينتهي الشرك من هذه الأرض إلا بالقتال كما أمر سبحانه وتعالى بقتال المشركين إلى أن يتوبوا، فهم لا يتوبون من الشرك إما قتلًا أو توبة بعد قتال -توبة بعد قتال أو رفع السلاح فيتوبوا قبل أن نقاتلهم- يقول سبحانه وتعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ، فهم لا يتوبون من الشرك إلا بقتالهم فَاقْتُلُوا

الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ولا ينتهي كيد الطغاة وكيد أولياء الشيطان إلا بالقتال، قال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} .

وكيف نرد بأس الكفار الذي عمّ البلاد وطمّ ولا حول ولا قوة إلا بالله؟

يُرد كما بين سبحانه وتعالى، مُشيرًا على خير خلقه رسولنا عليه الصلاة والسلام، يقول سبحانه وتعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً} ، عسى هنا للوجوب، إذا قاتلت وحرّضت فإن الله سبحانه وتعالى يكف بأس الكفار.

هذه العقبات وما ذكرنا مما يشابهها كلها تنحدر من الكفر والشرك، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر تجمع الكفر عندما يطعنون في الدين، أيضًا يكون حله بالقتال.

ومن الذي يأمرنا بسفك الدماء والإثخان في الأرض؟

هو أرحم الراحمين سبحانه وتعالى، فنعوذ بالله من أن يستدرك مسلمٌ على أن هناك أساليب دون سفك الدماء، إنما الغلظة والشدة وسفك الدماء تكون في مثل هذه المواطن، لا على المؤمنين، وإنما الرحمة والرأفة تكون بالمؤمنين كما بين سبحانه وتعالى، ويقول سبحانه مُبينًا كيف ينتهي الكفار عن الطعن في الدين، يقول سبحانه: {وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ} ، فهم لا ينتهون حتى نقاتلهم، ولذا شرع الله سبحانه وتعالى وأمر بهذه العبادة وجعلها في بعض الأوقات متعينة كما هو الحال اليوم، ولا نقول أن الجهاد في أفغانستان فقط فرض عين، لكنه في أفغانستان فرض عين ولا نقول فقط بل هو يتعين في مواطن كثيرة في كل شبر من أراضي المسلمين غلب عليها الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فكونه يتعين في فلسطين أو في بورما أو في غيرها لا ينفي تعينه في أفغانستان، وإنما أخذت أفغانستان الجهد الأكبر من الإخوة لتيسر العمل والجهاد في هذه الساحة، وهذا رأس الكفر وهذا بأس الكفار الذي أصاب المسلمين بمشارق الأرض ومغاربها على أيدي الشيوعية منّ الله على رجال من أهل الأفغان بدؤوا الجهاد فجاهدوا هذه السنين الطويلة حتى تحطمت الشيوعية العالمية أمام الكبير والصغير وأمام البر والفاجر والمسلم والكافر، فقد سحبت جيوشها وأذيالها وهي راغمةٌ صاغرة وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى علينا، ثم من فضله بأن منّ على هذه الأمة بالجهاد وسخّر له رجالًا من أهل الأفغان جاهدوا في الله حتى خسئت رايات الكفر وخرجت بفضله سبحانه وتعالى، فلا يمكن أن هؤلاء الرجال الذين جاهدوا هذه السنين الطوال من أجل (لا إله إلا الله) ومن أجل أن محمدًا رسول الله، نأتي ونتنكر لهم في حادثة لم يكن لهم فيها دخل من حيث الجملة، وأمّا مقتل الشيخ فكما ذكرنا لا من حيث الجملة ولا من حيث التفصيل وإنما حادثة تنشأ بين المسلمين وقد حدث مثلها في كثيرٍ -ولا

حول ولا قوة إلا بالله- من بعض البقاع في أفغانستان، فلا يجوز أن نتنكر لهم وإنما يُجازون على قدر إحسانهم ونسأله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ولهم فيما أسأنا.

هذا مُلخّص ما أحببت أن أشير إليه وأؤكد في هذا الزمن الذي كثُرت فيه الفتن والتبس على الناس الحق وكثر الداعون إلى ما يُسمى بإحلال السلام على حساب الدين، وإلى ما يُسمى بنبذ العنف وهم يقصدون نبذ الفريضة التي شرعها الله سبحانه وتعالى وهي القتال، وكثر الداعون إلى الحِوار وإلى المناقشات السياسية وإلى معالجة كيد أولياء الشيطان بالكيد السياسي وإنما الحل كما ذكرنا: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} هذا وأرجوه سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ويرحمنا وأن يؤلِّف بين قلوب المسلمين وأن يفتح عليهم بلاد الأفغان وغيرها من بلاد الإسلام وهو على ذلك قدير سبحانه وتعالى.

وفي الختام نكرر رجاءنا ودعاءنا لمولانا سبحانه وتعالى أن يتقبل فقيدنا الشيخ (جمال الرحمن) بواسع منّه وفضله ورحمته، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

وأترك المجال إذا كان للإخوة أسئلة فليتفضلوا.

  • Related Posts

    أسئلة المحاضرة بعنوان: الجهاد وتجاوز العقبات للشیخ اسامة بن لادن تقبله الله (2)

    أسئلة المحاضرة بعنوان: الجهاد وتجاوز العقبات للشیخ اسامة بن لادن تقبله الله (2) – يقول الأخ: هل صحيح أن الأحزاب السبعة شاركت في أحداث (كُنر) ولماذا قتل الحزب الإخوة العرب…

    أيها المناصرون للجولاني، هل هذا إمامكم وولي أمركم؟

    أيها المناصرون للجولاني، هل هذا إمامكم وولي أمركم؟ أيها المناصرون لأحمد الشرع الذي تنظرون إليه كالإمام وولي الأمر وتدافعون عنه، لقد أرسل هو بشكل رسمي رسالة تعزية إلى الرئيس الأمريكي…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    أسئلة المحاضرة بعنوان: الجهاد وتجاوز العقبات للشیخ اسامة بن لادن تقبله الله (2)

    • من admin
    • ديسمبر 21, 2025
    • 4 views
    أسئلة المحاضرة بعنوان:  الجهاد وتجاوز العقبات للشیخ اسامة بن لادن تقبله الله (2)

    محاضرة بعنوان: الجهاد وتجاوز العقبات للشیخ اسامة بن لادن تقبله الله (1)

    • من admin
    • ديسمبر 21, 2025
    • 5 views
    محاضرة بعنوان:  الجهاد وتجاوز العقبات للشیخ اسامة بن لادن تقبله الله (1)

    أيها المناصرون للجولاني، هل هذا إمامكم وولي أمركم؟

    أيها المناصرون للجولاني، هل هذا إمامكم  وولي أمركم؟

    الخوف واليأس ينتشران بين المهاجرين اليهود الذين يغادرون المنطقة التي حاصرها الصهاينة في فلسطين المحتلة (2)

    • من abuaamer
    • ديسمبر 21, 2025
    • 4 views
    الخوف واليأس ينتشران بين المهاجرين اليهود الذين يغادرون المنطقة التي حاصرها الصهاينة في فلسطين المحتلة (2)

    الخوف واليأس ینتشران بين المهاجرين اليهود الذين يغادرون المنطقة التي حاصرها الصهاينة في فلسطين المحتلة (1)

    • من abuaamer
    • ديسمبر 21, 2025
    • 4 views
    الخوف واليأس ینتشران بين المهاجرين اليهود الذين يغادرون المنطقة التي حاصرها الصهاينة في فلسطين المحتلة (1)

    ظاهرة الإرجاء تبرر كل مفسدة عقدية وتحرف الدين لصالح الطواغيت والمتطرفين في سوريا

    • من abuosameh
    • ديسمبر 20, 2025
    • 8 views
    ظاهرة الإرجاء تبرر كل مفسدة عقدية وتحرف الدين لصالح الطواغيت والمتطرفين في سوريا