انهيار إسرائيل: أسطورة أم نداء إلى إعادة تنظيم العالم؟ (2)
يستحق الأمر نظرة على تاريخ إسرائيل لكي نفهم ظاهرة التفكيك بشكل أفضل. تحولت هذه الدولة التي أعلنت وجودها في 1948 بناءً على أسطورة الهولوكوست وقرار الأمم المتحدة 181، إلى واحة قومية في العالم العربي. جعلت الحرب التي جرت في الأيام الستة عام 1967 إسرائيل قوة عسكرية بدعم أمريكي ولكنها زرعت بذور الصراع أي احتلال الضفة الغربية وغزة أشعل مقاومة الفلسطينيين. تغيرت هذه الصورة بشكل دراماتيكي عام 2025 بعد تصعيد الوضع في 7 أكتوبر 2023 وانطلاق أزمة عالمية.
دُمِّر 70% من البنية التحتية في غزة وفقًا لتقرير الأمم المتحدة حتى ديسمبر 2025 ووجدت إسرائيل نفسها معزولة: جعلت حركة BDS 150 شركة كبرى ترفض التعاون مع الصهاينة.
أما داخل الكيان الصهيوني فجلبت إصلاحات نتنياهو القضائية التي تُعتبر تفكيك الديمقراطية 500,000 محتج في الشوارع في 2023-2024. يقارن بعض المعلقين هذه الإصلاحات بتفكيك المؤسسات: إضعاف نقابات العمال مثل الهيستادروت والجيش والاستخبارات ومكتب المدعي العام. يطرح عدد من المصادر فكرة نهج متعدد الخطوات: تستخدم النخب العالمية الهجرة والإرهاب والحرب ظاهريًا لزعزعة الاستقرار.
يقول الخبراء إن التقدمية أصبحت أيديولوجيا عالمية. من ثقافة اليقظة في الولايات المتحدة إلى أجندات الخضراء الأوروبية، كلها تضعف القومية بترويج العدل العالمي.
أما بالنسبة لإسرائيل، فهو يظهر في حملات العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش التي تتهمها بالعنصرية (تقارير من 2022، لا تزال ذات صلة في 2025). يسمون التقدميون الصهيونية استعمارًا ويسمون الظروف في غزة إبادة، ما يزيد من المشاعر المعادية لإسرائيل في الأمم المتحدة، حيث تضاعفت القرارات بشأن فلسطين منذ 2020.
ولكن ليس كل شيء مؤامرة. تعتبر إصلاحات نتنياهو القضائية نزاعا داخليا عن توازن السلطات، لا تخريب أجنبي. لا تزال الولايات المتحدة تعتبر الداعم والحليف الرئيسي لإسرائيل رغم خفض الميزانية: في 2025 خصص الكونغرس 14 مليار دولار للدفاع عن الكيان الصهيوني.
هل هناك اتجاه عالمي؟ قد يكون متعدد الأقطاب: تزيد الصين، مع أختها الصغيرة روسيا نفوذهما وتقدمان بدائل للنظام الغربي (منظمة شنغهاي للتعاون).
في هذه الحالة، قد تعتبر فكرة تفكيك إسرائيل نظرة تحريضية إلى هشاشة المشاريع القومية في عصر النظام العالمي الجديد. إذا كان هذا الأمر بداية اتجاه، فهو يحذر من المخاطر للجميع: من أوروبا بتحدياتها عن الهجرة إلى روسيا تحت العقوبات.
لكن الواقع أكثر عقدة من النظرية أي شبكة من الأخطاء الداخلية والضغوط الخارجية والتغييرات الأيديولوجية.
أما بالنسبة لإسرائيل،ف يمكن القول بشيء واحد بدرجة من اليقين: الرعب الشديد والدموي الذي ارتكبه الصهاينة أمام عيون العالم كله، دمر مكانة الضحايا الأبديين المميزين وفرض وصمة عامة لقتلة الأطفال التي لا يمكن لأي مبلغ من المال أو الدعاية إخفاؤها.
أدى الغضب المتزايد في العالم والإصرار المتعصب والشيطاني على ارتكاب أفظع الجرائم الذي يُبرَّر بتثبيت العلمانية والديمقراطية موضوعيًا إلى نهاية آخر مشروع استعماري غربي علماني في قلب الأمة الإسلامية المعروف بإسرائيل.
الكاتب: أبو عامر (خالد الحموي)




