ينتهي الجهاد لصالح الكفار المحاربين والمحتلين الأجانب وعملائهم عندما لا تكون معرفة العدو شرعية

ينتهي الجهاد لصالح الكفار المحاربين والمحتلين الأجانب وعملائهم عندما لا تكون معرفة العدو شرعية

يُعدّ من أكبر ما يصيب الحركات الجهادية المعاصرة أن بعض المجاهدين يفتقرون إلى معرفة شرعية دقيقة للعدو ومن هذه النقطة بالذات يخدمون العدو الأول للأمة الإسلامية أي أمريكا كطاغوت العصر الكبير ورأس الأفعى.

يُحوّل الجهاد بدون معرفة العدو إلى أداة تنفيذية لمشاريع العدو بدلاً من أن يحقق الانتصار. نواجه في كل الدول الإسلامية نمطاً وتجربة متكررة: يؤدي المساس بمعرفة العدو وترتيبه الشرعي إلى اختيار مسارات متنوعة ينتج التشتت عنها بل ينتج التكفير غير المبرر عنها باسم العقيدة والمنهج. فيحدث الاقتتال بين المسلمين وتتشكل جبهات انحرافية ويفقد التركيز على العدو الرئيسي، بل يتم تجاهل الطاغوت المحتل الأساسي.

لذلك كانت النتيجة دائماً واحدة. بقيت روسيا ورمضان قديروف الخائن في الشيشان بعد ذلك الجهاد والشجاعة المذهلة وبقيت أمريكا والصهاينة في سوريا وبقيت القواعد وبقي النفوذ ولكن القوى المسلمة الجهادية في كل الحالات أصبحت مرهقة ومشتتة وغير مثمرة.

فأين المشكلة؟ لا شك أنها ليست نقص الغيرة الدينية، بل من أبرز المشكلات اختلال فهم معرفة العدو وترتيبه الشرعي وفقه الواقع وفقه الأولويات. إننا نعرض هنا باختصار وباستناد إلى آيات القرآن أعداء المؤمنين مرتبين حسب ما أخبر الله تعالى:

– ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ [المائدة: 82]

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: : كَانَتْ فَارِس ظَاهِرَة عَلَى الرُّوم وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَر فَارِس عَلَى الرُّوم. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَر الرُّوم عَلَى فَارِس لِأَنَّهُمْ أَهْل كِتَاب . وَهُمْ أَقْرَب إِلَى دِينهمْ.

يتبين هنا أن اليهود والمشركين هم أعداء المؤمنين والمجوس عدو ثانٍ والنصارى عدو ثالث. تعرّف المؤمنون في العهد المكي وقبل نزول عشرات الأحكام الشرعية، على معرفة العدو الشرعية وترتيبه الشرعي وتلقوا هذه الأولوية التي لا تُراعى اليوم.

يقول الله تعالى في حرب الروم النصارى (عدو المؤمنين الثالث) ضد المجوس (عدو المؤمنين الثاني):

﴿الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الروم: 1-5]

أما العدو الرابع للمؤمنين وهو من أخطر الأعداء فهو العدو الداخلي أي جماعة المنافقين وقد سماهم الله أعداءً فقال: ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ﴾ [المنافقون: 4]

تُعامل جماعة المنافقين ما دامت لم تفصل صفها عن دار الإسلام والحكم الإسلامي معاملة المسلمين الآخرين وتتمتع بحقوقهم وإن كان مصيرهم في الآخرة: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا﴾ [النساء: 145]

في هذه المعرفة بالعدو، ندعم كل مسلم ضد كل كافر وإن كان هذا المسلم من جماعة المنافقين أو أهل البدعة فهو ما زال في دائرة أهل القبلة.

وبناءً عليه نفرح بنصر الكفار النصارى على الكفار من أهل الكتاب وعلى اليهود والمشركين ونفرح أيضاً بانتصار العدو الثاني على عدونا الأول. أما الكفار العلمانيون واليهود فهم يفعلون العكس أي أنهم يدعمون كل كافر ضد كل مسلم ويدعمون الكافر الأقرب إليهم ضد الكفار الأبعد.

انظر إلى مدى غفلة المسلمين عن أبسط أسباب النصر بعد الإيمان ونصر الله وهو ما يقره العقل السليم، كما قال سون تزو في كتاب فن الحرب: «إذا عرفت نفسك وعدوك لم تخف نتيجة مئات المعارك وإذا عرفت نفسك ولم تعرف عدوك فمرة تنتصر ومرة تهزم وإذا لم تعرف نفسك ولا عدوك ففي كل معركة تهلك».

يحتاج المؤمنون بفهمهم الناقص للمؤمنين وأهل القبلة وتكفير بعضهم البعض، إلى معرفة أنفسهم شرعياً وفوق ذلك يحتاجون إلى معرفة العدو شرعياً وترتيبه الشرعي. فهل أدركت أحد أبرز أسباب هزيمة المؤمنين؟

الكاتب: أبو عامر (خالد الحموي)

  • Related Posts

    لماذا يُوصف تنظيم الدولة) بالخوارج بينما لا يُوصف أنصار الجولاني بالخوارج؟ (2)

    لماذا يُوصف تنظيم الدولة) بالخوارج بينما لا يُوصف أنصار الجولاني بالخوارج؟ (2) من الأدلة الواضحة والجلية التي تكشف أن فتاوى وصف تنظيم الدولة بالخوارج ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالكفار المحاربين والمحتلين…

    لماذا يُوصف تنظيم الدولة بالخوارج، بينما لا يُوصف أنصار الجولاني بالخوارج؟ (1)

    لماذا يُوصف تنظيم الدولة بالخوارج، بينما لا يُوصف أنصار الجولاني بالخوارج؟ (1) في أوساط المسلمين بشکل عام وفي سوريا بشکل خاص، يوجد تيار کبیر يُعرف بـالسلفية أو الوهابية في بعض…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    لماذا يُوصف تنظيم الدولة) بالخوارج بينما لا يُوصف أنصار الجولاني بالخوارج؟ (2)

    لماذا يُوصف تنظيم الدولة) بالخوارج بينما لا يُوصف أنصار الجولاني بالخوارج؟ (2)

    لماذا يُوصف تنظيم الدولة بالخوارج، بينما لا يُوصف أنصار الجولاني بالخوارج؟ (1)

    لماذا يُوصف تنظيم الدولة بالخوارج، بينما لا يُوصف أنصار الجولاني بالخوارج؟ (1)

    يجب أن يجيب أتباع الجولاني: أين ذهبت تلك الشعارات عن عزة وكرامة أهل الشام؟

    يجب أن يجيب أتباع الجولاني: أين ذهبت تلك الشعارات عن عزة وكرامة أهل الشام؟

    ينتهي الجهاد لصالح الكفار المحاربين والمحتلين الأجانب وعملائهم عندما لا تكون معرفة العدو شرعية

    • من abuaamer
    • ديسمبر 31, 2025
    • 5 views
    ينتهي الجهاد لصالح الكفار المحاربين والمحتلين الأجانب وعملائهم عندما لا تكون معرفة العدو شرعية

    مصير حكم الجولاني ومستقبله ومفهوم السلام المفروض مع الصهاينة كما تصفه واشنطن

    مصير حكم الجولاني ومستقبله ومفهوم السلام المفروض مع الصهاينة كما تصفه واشنطن

    هل تسلّل «القتلة الشيشان» من إيران إلى إسرائيل لاغتيال نتنياهو؟

    • من abuaamer
    • ديسمبر 30, 2025
    • 11 views
    هل تسلّل «القتلة الشيشان» من إيران إلى إسرائيل لاغتيال نتنياهو؟