

الثورة في سوريا أم استبدال المسؤولين الحكوميين؟
إن الثورة تعني تغييرا جذرياً وكلياً في نظام الحكم، أي أن هناك حكومة ذات معتقدات وقوانين تزول ثم تحل محلها حكومة أخرى بمعتقدات وقوانين أخرى. مثل ثورة كل الأنبياء ضد حكام المجتمع المتغطرسين.
ومع ذلك، فإن الحقيقة أن بعض الناس يأخذون السلطة من داخل نظام حكم معين بمعتقدات معينة، على الرغم من أنهم أطلقوا عليها اسم الثورة المخملية أو الثورة الناعمة التي هي في الواقع انقلاب فكري مع تغييرات طفيفة ولكن في إطار نفس الفكرة.
على سبيل المثال، يجب أن يختفي نظام علماني اشتراكي مثل نظام بشار الأسد ويحل محله نظام علماني ليبرالي آخر على الرغم من وجود بعض الااختلافات في القضايا الاقتصادية ومنح الحريات، إلا أنه تغيير في نظام فكري يعتبر نظاماً فكريا علمانياً.
دأبت جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها في سوريا على الدعوة إلى تغيير جذري للنظام أي التغيير من النظام الجاهلي إلى النظام الإسلامي وترسيخ شريعة الله وبذلك قدمت هذه الجماعة آلاف الشهداء. والذين يريدون المساس بهذه القضية باسم جماعة الإخوان ويسعون وراء حرف بوصلة الثورة فهم الذين لا يمتون إلى هذه الجماعت بأية صلة بل هم الشكل المزيف والمشوه لجماعة الإخوان المسلمين التي أظهرت نفسها في أمثال أردوغان من أجل ضرب النهج الإسلامي الصحيح وخدمة أعداء الإسلام والمسلمين.
ولا تقتصر هذه الأدوار على هذه الحركة، بل كانت سمة من سمات مجموعة المنافقين بأكملها عبر التاريخ. فعلى سبيل المثال، قال أحمد السيد، وزير العدل في حكومة بشار الأسد، الذي ينتمي حاليا إلى الحكومة الانتقالية لجماعة الجولاني، لشبكة العربية السعودية: “كان الأسد ديكتاتوراً وكان يجب أن يسقط، وسوف يسجل اسم أحمد الشرع في التاريخ بماء الذهب”.
لقد نسي هذا الشخص أنه هو نفسه كان جزءا من نظام بشار الأسد ويظن أن الناس لا يعرفون ما هو دور وزير العدل في الأنظمة وما هو الدور الذي لعبه في تصرفات بشار الأسد، لكنه مثل كل أتباع الشيطان يستغل نسيان جماهير الشعب.
إذا انتبهنا إلى تغيير النظام في سوريا، فإن الأمر لا يشبه الثورات المختلفة، كأنه لم يكن هناك مدير قد غادر وحلّ محله رئيس آخر، والموظفون يؤدون واجباتهم كالمعتاد، والأسواق والأماكن العامة تعمل كالمعتاد، وكأنه لم يكن نظام قد ذهب وحلّ محله نظام آخر.
الكاتب: أبو عامر