
الخطأ الثاني لتنظيم القاعدة في سوريا هو حل التنظيم والخطأ الثالث هو الرغبة في الاحتفاظ بالسلاح
اعتبر الشيخ أسامة بن لادن تقبله الله ضرورة التركيز على الولايات المتحدة باعتبارها “رأس الأفعى” والصهاينة كعدوين رئيسيين للإسلام والمسلمين، وفي رسالة نشرها بمناسبة الذكرى الستين لاحتلال فلسطين، قال: “العرب باعوا فلسطين، وإذا بقي الكيان الإسرائيلي حتى الآن، فذلك ليس بسبب قوته، بل لأن الحكومات العربية تخلت عن المقاومة”.
أسست جماعة حراس الدين رسمياً في 27 فبراير 2018 بعد خيانة الجولاني للظواهري في يوليو 2016 وفي فترة وجيزة تم تشكيل 16 جماعة وفصيل مثل جيش الملاحم، وجيش البادية وجيش الساحل وغيرها وكانت معظم هذه المجموعات من المجموعات والكتائب التي انشقت عن جماعة الجولاني ثم انضمت حراس الدين وأصبحت قوة كبيرة في سوريا.
كان الخطأ الأول لحراس الدين في سوريا أنه خلافا لتعليمات الشيخ أسامة بن لادن وبدلا من التركيز على الولايات المتحدة وحلفائها، كان إلى جانب الولايات المتحدة وحلفائها عبر قناة الجولاني، وبسبب هذا الخطأ دفع ثمناً باهظاً وقدم العديد من الأسرى وتحمل العديد من القيود وحتى العديد من الاغتيالات العمياء مثل اغتيال أبي عبد الرحمن المكي وأبي حمزة اليمني حتى أصبحت مهمشة ومعزولة والآن أجبرت على الحلّ وتدمير نفسها.
الخطأ الثاني لتنظيم القاعدة هو أنه اليوم في 28 كانون الثاني/يناير 2025، بعد أكثر من شهر ونصف من الحكم الجديد لخلفاء بشار الأسد، أعلن أنه: نظرا لهذه التطورات على الساحة الشامية، وبقرار أميري من القيادة العامة لتنظيم قاعدة الجهاد؛ نعلن لأمتنا المسلمة ولأهل السنة في الشام: حل تنظيم حرّاس الدّين (فرع تنظيم قاعدة الجهاد في سوريا).
إن حل جماعة كانت أكبر مصدر للقوة والجهاد والمقاومة والرادع الأكبر ضد الأعداء بعد الله هو خطأ يعرض عناصر القاعدة في سوريا لكل أنواع الأضرار وخاصة أولئك الذين لم يتسلموا منصباً في هذا النظام الجديد ويعتزمون ألا يكونوا مثل الذين باعوا فلسطين ويريدون مواصلة المقاومة والطريق الصحيح لأهل الدعوة والجهاد.
وفي هذه المرحلة، وكما وظف الجولاني الشبيحة وموظفي القضاء السابقين وغيرهم بسبب احتياجاته، فإنه سيستخدم أيضا قوات الجماعات الجهادية المختلفة في مناصب خاصة مع الاتفاقيات الرباعية التي أبرمها مع الولايات المتحدة وتركيا والصهاينة من أجل تدريب وإعداد قوات جديدة لتحل محلها مستقبلا بمساعدة تركيا والولايات المتحدة وغيرها.
وإلى جانب حل الجماعة تطلب حراس الدين من الشعب السوري الاستمرار في مبادئه ومبادئه وتعزيز الشريعة وعدم التخلي عن أسلحتهم والاستمرار في طريق الجهاد ضد الظلم والتمرد حيث تنصح الجماعة أهل السنة في بلاد الشام : بعدم ترك سلاحهم، وليجهزوا للمراحل القادمة التي أخبرنا بها نبينا محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فأرض الشام أرض الملاحم الكبرى، ومقبرة للطغاة والمستعمرين، وفسطاط للمسلمين في قتالهم لليهود ومن يلونهم من أعداء الدين.هذه تطلعات جيدة، لكن بدون قوة تنظيمية ثورية وعسكرية، تبقى فقط على مستوى الشعارات، ترضي أعضاء المنظمة البسطاء والمنخفضين، وتخدع الرأي العام.
تعرف جماعة حراس الدين وجميع الجماعات الثورية أن الحكومات الجديدة في أية دولة لا تؤمن إلا بجيش واحد، حتى لو كانت الفدرالية تحكم البلد، فإن السلاح لا يزال في أيدي الحكومة المحلية والمركزية وليس الأفراد المتنوعين.
ورغم أن جماعة حراس الدين تختتم بالقول إننا محافظون على ثوابتنا الشرعية دون تغيير أو تبديل أو تمييع، فإقامة الدين ونصرة المظلومين والحفاظ على دماء المسلمين هي من أولى ثوابتنا التي ندين الله بها.
والسؤال هو: مع حلّ الجماعة وتشتتها، ماذا يمكن أن يفعل الشعب المتفرق ضد حكومة وظيفية تحظى بدعم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والصهاينة وكل حلفائهم العرب وغير العرب، وتعزز موطئ قدمها في سوريا يوما بعد يوم؟
ليس فاروق السوري بصفته أمير حراس الدين وسامي العريدي بصفته الأمير الشرعي لهذه الجماعة، يدركان هذه الحقيقة المريرة فحسب، بل كل أعضاء القاعدة ومراقبي الدعوة والجهاد يشهدون أيضا أخطاء القاعدة في سوريا.
المؤلف: أبو أسامة الشامي