
التنازل أم الثبات؟!
إننا نشكو عندما يتنازل عن مبدأ الولاء والبراء، فهم يردّون علينا: لا تتدخل في شؤون أولى الأمر. يسمح لنا في هذه الحالة أن نتنازل عن هذا المبدأ ظاهرياً لكي نحافظ على الأمور الهامة ونحمي سيادة الحكومة.
عندما نتحدث عن وجوب نصرة المسلمين ومحاربة اليهود والمحتلين، فهم يقولون لنا إننا لا نقدر على ذلك. يجب أن ننتظر نستطيع ونتمكن من ذلك ثم ننجز هذه الأمور الواجبة: ” وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ” (التوبة: 81)
وعندما نتكلم عن وجوب التحاكم إلى شرع الله وتحريم التحاكم إلى الطاغوت وتحريم اتباع أهواء العباد فهم يردّون علينا: يجب علينا أن نتصرف وفقاً للمواثيق والأذواق الدولية لكي نعزز دورنا ونصون سيادة الحكومة ووحدة البلاد.
يحق للشعب السوري ألا يسكر جدار العقوبات وإن تمكن الشعب منه واستعاد حقوقه فلا داعي أن نشكر من يكفر ويحارب الله ونعلن حبنا له.
قال الله تعالی: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ» (الممتحنة: 1)
ولكنهم يردون علينا مرة أخرى أنه يجب علينا أن نعزز مكانتنا في النظام الدولي وذلك في نظام دولي كفري لا يمكن فيه تحقيق الأمن والاستقرار إلا باتباع شريعتهم الكفرية.
قال الله تعالی: «وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ» (البقرة:120)
ما هو المبدأ والمعيار في الدين؟
إذا كان المبدأ هو الحكومة، فيمكن التنازل عن التوحيد وتطبيق الشريعة لكي نعزز الحكومة. أما إذا كان المبدأ هو التوحيد وتطبيق الشريعة فيعني ذلك أن الحكومة هي الأداة الوحيدة لتطبيق الشريعة. فهل يمكن للحكومة التي اكتسبت استقرارها وشرعيتها من ترك الشريعة والسعي وراء استرضاء الكفار وأعداء الدين أن يعود يوما ما إلى طريق الدين؟
قال الله تعالی: « شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ» (الشوری: 13)
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (فصلت:30)
فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (هود:112)
تتبادر أسئلة كثيرة إلى الذهن بعد أن نرى كل هذه التنازلات عن الثوابت والشريعة والشعارات والأهداف والوعود في سوريا:
ما هو حد التنازل و أین مکان الثبات؟
هل مكان الثبات هو ما تدركه أنت ويلبي مصالحك المادية وقوتك السياسية؟
هل يجب الدين والثبات عليه عندما يوفر مصالحنا الدنيوية؟
هل يجب التضحية بحياة شبابنا بحيث تكون النتيجة تعزيز قوتكم أم يجب التضحية بهم عندما تكون النتيجة تعزيز دين الله؟
لا يدلّ الصمت أمام هذه التنازلات على صون الوحدة، بل يدلّ الصمت على التنازل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فهذا القعود والصمت يعني السقوط واللهث وراء الكفر والطواغيت.
يتعلق السيسي وحسني مبارك وبن سلمان بهذه الأعذار والمبررات لكي يصاحبوا الكفار.
الکاتب: مروان حدید