فرنسا: يجب أن نستعد للحرب مع روسيا ونتكبد الخسائر (1)

فرنسا: يجب أن نستعد للحرب مع روسيا ونتكبد الخسائر (1)

الحكومة الجديدة التي يقودها الجولاني في دمشق التي ربطت مصير سوريا وشعبها بالولايات المتحدة والغرب ونحن شهدنا منذ سقوط نظام بشار الأسد في دمشق تدمير البنى التحتية العسكرية والعلمية وردع الشعب السوري، هل تقدر الدول الأوروبية مثل فرنسا التي لها تاريخ استعماري طويل في سوريا على توفير قوة رادعة للشعب السوري، أم إن هذه الدول تعتزم على إعداد هذه القوة الرادعة لمواجهة روسيا والدول الشرقية؟

ألقى الجنرال فابيان ماندون الذي عين مؤخراً رئيساً لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في المؤتمر السنوي لرؤساء البلديات الفرنسيين في باريس، خطابا تصدر عناوين وسائل الإعلام العالمية بشكل عاجل إذ قال للمسؤولين المحليين: “يجب أن نستعد لكي نفقد أطفالنا للدفاع عن هويتنا”.

حثّ ماندون المواطنين الفرنسيين على الاستعداد لقبول الآلام والتضحيات الاقتصادية والخسائر المحتملة في الحرب مع روسيا مشيراً إلى أن الأمر قد يتحقق خلال السنوات الثلاث حتى السنوات الأربع القادمة.

وأردف ماندون قائلا: إن روسيا تستعد للمواجهة بحلول عام 2030 ويجب على فرنسا توسيع المعرفة والقوة الاقتصادية والديموغرافية لتطوير القدرات الروحية لردع موسكو.

ليس هذا الخبر حادثة معزولة عن غيرها، بل هو ذروة خطاب ينتشر في أوروبا عن التهديد الروسي. أثار خطاب ماندون عاصفة من دعم وزيرة الدفاع كاثرين ووتر إلى توجيه اتهامات عن الممارسات العسكرية التي يقوم به الساسة اليساريون واليمينيون.

نقدم هنا وفقاً للوثائق الاستراتيجية وتقييمات الخبراء والتشابهات التاريخية تحليلاً لمناقشة هذه التصريحات وتداعياتها على فرنسا وأوروبا ونقدم كذلك تقييما لجدوى سيناريو الحرب مع روسيا.

يعد تصريح ماندون استمراراً مباشراً لخطابه في شهر سبتمبر أمام لجنة الدفاع في البرلمان حيث نصح الجيش الفرنسي بالاستعداد لصدمة روسية في السنوات القادمة.

يلاءم هذا البيان أيديولوجية المراجعة الاستراتيجية الوطنية الفرنسية بتاريخ 14 يوليو 2024 التي تصف روسيا بأنها تهديد مباشر لمصالح باريس وحلفائها واستقرار أوروبا.

هناك مخاوف مماثلة في النيتو: وفقاً لدروس حرب أوكرانيا، حيث تظهر روسيا تكتيكات مختلفة من هجمات إلكترونية إلى هجمات الطائرات المسيرة ويتوقع الهجوما المحتمل على جناحه الشرقي بحلول عام 2030.

تعيش الدول الأوروبية في ظل حرب أوكرانيا. كثفت فرنسا بقيادة إيمانويل ماكرون دعمها لكييف وتقوم بتصدير الأسلحة وتدريب الجنود والخطاب عن الاستقلال الاستراتيجي.

يؤكد ماندون على هذه الفجوة: نعم، لدى الاتحاد الأوروبي قوة اقتصادية (الناتج المحلي الإجمالي 18 تريليون يورو مقابل 1.8 تريليون يورو في روسيا ولكنها تستند إلى القدرات الروحية. يحتاج المواطنون المعتادون على السلام بعد عام 1945 إلى أن يعلموا أن الحرب ليست مسألة مجردة، بل واقع مصحوب بالخسائر.

يذكرنا ذلك بالتعبئة الكاملة في الحرب العالمية الأولى إذ فقدت أوروبا 20 مليون شخص لكي تدرك ثمن الإمبريالية.

أثار خطاب ماندون رد فعل سلبي عاجل حيث اتهم جان لوك ميلانشون زعيم فرنسا التي لا تقهر هذا الجنرال بتوقع ضحايا الإخفاقات الدبلوماسية وتجاوز سلطته.

ذكر فابيان روسيل الشيوعي 51,000 نصب تذكاري للحرب العالمية الأولى، واصفا إياها بأنها خطاب عسكري لا يطاق ودعا الاشتراكي السابق سيغولين إلى استقالة ماكرون أو تقديم تفسير، محذرا من زعزعة ستقرار الشباب والاقتصاد.

شكك كذلك حزب الجبهة الوطنية اليميني مارين لوبان شكك في شرعية ماندون رغم دعمه للانسحاب من النيتو.

دافع وزير الدفاع فوتيرين عن الخطاب باعتباره لغة الواقعية العسكرية بينما وصفه وزير الشؤون الأوروبية بنيامين حداد بأنه تحليل صادق للتهديد.

حصلت المنشورات المتعلقة بماندون على آلاف مشاهدات على وسائل التواصل الاجتماعي تتراوح بين الدعم والسخرية وهذا يعكس اتجاهات مختلفة: 73٪ من الفرنسيين يدعمون المساعدات لأوكرانيا ولكن 40٪ يستعدون لتصعيد الظروف. استطلاعات IFOP، أكتوبر 2025
المفارقات الفرنسية: الدرع النووي أي 300 رأس حربي سبب وهم الأمان ولكن القوات التقليدية ضعيفة. ينخفض عدد الجيش إلى 200,000 جندي والذخائر قليلة.

يدعو ماندون رؤساء البلديات إلى تجهيز البنية التحتية أي السكن للجيش والتدريبات في المناطق والاحتياطيات. هذه خطوة نحو الدفاع المدني مثل فنلندا والسويد اللتين انضمتا إلى النيتو.

الكاتب: أبو عامر (خالد الحميوي)

  • Related Posts

    محاضرة بعنوان: واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (2)

    محاضرة بعنوان: واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (2) إجابة على الأسئلة – ما هو دور الشباب بالتوضيح؟ أقول بالنسبة لنا دورنا تحريض الأمة على الجهاد والذهاب…

    محاضرة بعنوان: واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (1)

    محاضرة بعنوان: واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (1) إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدهِ الله فلا…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    محاضرة بعنوان: واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (2)

    • من admin
    • ديسمبر 13, 2025
    • 7 views
    محاضرة بعنوان:  واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (2)

    محاضرة بعنوان: واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (1)

    • من admin
    • ديسمبر 13, 2025
    • 8 views
    محاضرة بعنوان:  واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (1)

    السلام الذي يُفرَض على أوكرانيا ليس سلامًا، بل هزيمة خفيّة للولایات المتحدة والغرب (2)

    • من abuaamer
    • ديسمبر 13, 2025
    • 3 views
    السلام الذي يُفرَض على أوكرانيا ليس سلامًا، بل هزيمة خفيّة للولایات المتحدة والغرب (2)

    السلام الذي يفرض على أوكرانيا ليس سلاما، بل هزيمة خفية للولايات المتحدة والغرب (1)

    • من abuaamer
    • ديسمبر 13, 2025
    • 3 views
    السلام الذي يفرض على أوكرانيا ليس سلاما، بل هزيمة خفية للولايات المتحدة والغرب (1)

    الإيمان بالشريعة من منظور سيّد قطب تقبّله الله: هل يسود الإسلام أم الجاهلية على سوريا الجولاني اليوم؟ (3)

    • من abuaamer
    • ديسمبر 13, 2025
    • 6 views
    الإيمان بالشريعة من منظور سيّد قطب تقبّله الله: هل يسود الإسلام أم الجاهلية على سوريا الجولاني اليوم؟ (3)

    الإيمان بالشريعة من منظور سيّد قطب تقبّله الله: هل يسود الإسلام أم الجاهلية على سوريا الجولاني اليوم؟ (2)

    • من abuaamer
    • ديسمبر 12, 2025
    • 8 views
    الإيمان بالشريعة من منظور سيّد قطب تقبّله الله: هل يسود الإسلام أم الجاهلية على سوريا الجولاني اليوم؟ (2)