التاريخ المشرق لأهل الدعوة والجهاد: 31 عاما من هزيمة القوات الروسية في جوخار (غروزني) (2)
جلبوا المعدات والرجال المسلحين في 26 نوفمبر 1994 وظنوا أن قوات دودايف يرى كل هذا ويصاب بالذعر ويهرب. كانت الخطة هي الإرهاب ولكن المعارضين أطلقوا عليهم النار بالقرب من جسر بارونوفسكي وعلى شارع ماياكوفسكي عند مفترق طرق ستاروبروميسلوفسكوي أثناء تراجعهم..
انسحبت الدبابات التی تنشر الدخان وتمكن الطاقم من إخلائها ثم بدأت الذخيرة تنفجر. مرت قطع الدروع فوق رؤوسنا. رأيت لأول مرة أن دبابة تتناثر.
انسحبنا إلى زنامينسكوي في 26 من هذا الشهر نفسه. يقول البعض إن القتال في غروزني استمر حتى 27 نوفمبر ولكن هذا الكلام لا يصح. انتهى كل شيء في نفس اليوم وعادت المعارضة إلى قواعدها الدائمة أي في زنامينكا وأوروس-مارتان. غادرت ثمانية عشر من أصل الأربعين دبابة غروزني…”
تعكس المقتطفات التي نقلناها عن رواية هذا المرتزق الروسي صورة ذلك اليوم. لم يتوقع أحد هذا الغزو حتى اللحظة الأخيرة.
دخلت أرتال من القوات المسلحة المعارضة المدينة. كانت كتيبة أبخازيا بقيادة شاميل باساييف أول مجموعة تدخل المعركة. وصلت تعزيزات من القرى المحيطة بحلول النهار.
وفي نفس اليوم عندما حان وقت صلاة المساء، كان كل شيء قد انتهى. لا يوجد سبب لمناقشة تفاصيل محددة خاصة عدد المركبات المدرعة حسب بعض المصادر التي قالت إنها تجاوزت 100 وحدة. لا يهمنا هذا.
نريد أن نلفت انتباه القراء إلى كلمات جندي محترف يقول: “لأول مرة، رأيت دبابة تتناثر” أي أن الدبابة التي يصل سمكها إلى 80 سنتيمترا، قد تحولت إلى قطع متناثرة.
ولكن ما أثار الدهشة هذا الكلام: الدبابة التي تسللت إلى القصر الرئاسي تحطمت بحيث تحولت إلى قطع متناثرة وصلت إلى سطح مبنى مكون من خمسة طوابق وفي الوقت نفسه ارتفع شاصي الدبابة التي تزن 42 طنا وحلقت الدبابة فوق سلسلة من المباني المكونة من خمسة طوابق واخترقت الأسفلت، ما أدى إلى تسمير دبابة ثالثة في ساحة قريبة من الأرض..
تفاجأ الناس ولكنهم ظنوا أن ذلك يحدث على الأرجح في الحرب. اندهش الجنود المحترفون وكانوا يعلمون أن الذخيرة في الدبابة مهما انفجرت، لا يمكن تحويلها إلى صاروخ ومنحت الأشلاء الدموية المعلقة من الأشجار هذا المشهد واقعا سحرياً.
لم تكن الحرب تجري بعد، بل ما جرى كان تمهيدا لها وكان القلق والتركيز واضحين على وجوه الناس. رفض الروح الحرب وكان هناك كثير من التكهنات عن وجود حل سياسي. لم يخدع المؤمنون المخلصون أنفسهم وكانوا يعلمون أن الحرب حتمية وكانوا يفهمون أن الدبابات الطائرة معجزات(علامات).
تداولت القنوات التلفزيونية الغربية لقطات لضباط أسرى من تامان وكانتيميروفسكايا. تم أسر حوالي 40 شخصاً. عملت موسكو جاهدة على الابتعاد عن التورط المباشر في الهجوم على المدينة وأنكرت أن الأسرى كانوا جزءا من الجيش الروسي.
هدد دوداييف بإعدامهم، لأن هؤلاء المرتزقة لا ينتمون لأحد. ثم اضطر يلتسين إلى قبولهم كقواته.
وجه يلتسين إلى دوداييف إنذاراً للحفاظ على سمعته بأسلوب قادة الكرملين المعتاد: “خلال 48 ساعة، يجب على العصابات الشيشانية نزع أسلحتها والاستسلام” ولكن ذلك كان مجرد كلام فارغ. كان الجميع يعلم أن الصراع حتمي ويحسم في ساحة المعركة.
إذن فقدت أي مشاركة إضافية في المواجهة داخل الشيشان معناها بعد هذه المخاطرة الفاشلة. تمت إزالة الأقنعة إذ دخلت القوات الروسية المناطق الشيشانية في 11 ديسمبر.
كان ذلك الأمر متوقعا. كان الشيشان يستعدون لمواجهة عدوهم الأبدي ولم يكن الخطاب السياسي عن الحقوق والسيادة وميثاق الأمم المتحدة يهم أحداً. انتهت الألعاب وكانت كلمة واحدة مفهومة: الغزوات كلمة مألوفة ومفهومة لكل أجيال متسلقي الجبال في القوقاز أي حرب مقدسة ضد الكفار.
الكاتب: أبو عامر (خالد الحموي)





