محاضرة بعنوان: واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (1)

محاضرة بعنوان: واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (1)

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدهِ الله فلا مضل له ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

الحمد لله القائل: {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُممْ فَاسِقُونَ} .

إي والله قد ظهروا على إخواننا في فلسطين وفي كثيرٍ من بقاع الأرض، ظهر عليهم اليهود وظهر عليهم النصارى، وظهر عليهم المشركون والملحدون، وقد فعلوا بهم الأفاعيل كما قال سبحانه وتعالى لا يرقبون في المؤمنين إلًّا ولا ذمة، لا يرقبون فينا عهدًا ولا ذمة، ولا يرقبون فينا الله سبحانه وتعالى الذي خلقنا وخلقهم.

واليوم ما هو واجبنا نحو إخواننا في فلسطين بعد أن ازدادت الهجرة -الهجرة اليهودية- في أرض فلسطين في مسرى نبينا عليه الصلاة والسلام، وقد تكالبت قوى الكفر جميعًا في الشرق والغرب، تكالبت معسكرات الكفر على أن ينالوا من المسلمين في فلسطين.

فها أنتم تسمعون اليوم ما يُحاك لإخواننا في فلسطين بعد أن اتفقت أمريكا وروسيا على أن يهجِّروا من يهود العالم ومن يهود روسيا على وجه الخصوص ما يقارب أكثر من مليون يهودي حتى يحلوا محل إخواننا في فلسطين، ومع هذا التآمر الرهيب على مرأى ومسمع من الناس نجد الصمت الرهيب الذي يخيم على الأمة والذل والخنوع الذي يخيم على أبناء المسلمين فلا نحرك ساكنًا لنصرة إخواننا هنالك في فلسطين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فماذا نفعل تجاه هذه القضية العظيمة التي ما يبرح الأمريكان أخزاهم الله في الصباح ولا في المساء يقفون مواقف تأييد على مسمع ومرأى من العالم أجمع، وفي هيئة الأمم تقف أمريكا لوحدها مع إسرائيل ضد قرارات الأمم بأجمعها مؤيدة لهذا الإجرام الذي تُسفك فيه دماء المسلمين في فلسطين وتُهشّم فيه عظام الأطفال من أبنائنا ولا حول ولا قوة إلا بالله! بل الأمر ازداد وطفح الكيل وبلغ السيل الزّبى؛ فها هم يُعلنون قبل أيام عن مشروعٍ لإعطاء إسرائيل ما يقارب 2400 مليون دولار منحة حتى يسكنوا اليهود الروس الذين بدؤوا يتوافدون على إسرائيل!

وأشد من ذلك قبل ثلاثة أيام يعلن جيمس بيكر -أخزاه الله- المتحدث الأمريكي بأنهم يؤيدون الهجرة اليهودية بدون قيد ولا شرط إلى فلسطين المحتلة، بل ويندد بالنداءات والتحذيرات التي صدرت من بعض الجهات في لبنان وغيرها تتوعد كل خطوط تنقل اليهود إلى فلسطين، يهددون هذا الفعل ويشجبونه ويستنكرونه على هؤلاء الناس، هذا التهديد، وهم في الحقيقة هم أكبر المجرمين في هذا العصر وفي هذا الزمن ولكنهم يخدرون مشاعر المسلمين تحت الحملات الإعلامية بما يسمى من مؤتمر للسلام الدولي ومن مفاوضات للسلام في منطقة الشرق الأوسط، وماذا فعلنا حتى يأتونا بهذه الترهات، هم يذبحون إخواننا صباح مساء في كل مكان ثم يأتون يطلبون من المسلمين أن يكونوا كالنعاج وكالدجاج ولا حول ولا قوة إلا بالله! فإلى متى هذا السكوت ونحن نسمع ونرى وسنُسأل يوم القيامة عن إخوان لنا يُذبّحون تجمعنا عقيدة واحدة عقيدة التوحيد وراية أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فماذا ينبغي علينا أن نفعل تجاه هذا العدو المُشترك وخاصة اليهود والنصارى، نرجو الله أن يعيننا على تبيين واجبنا في هذه القضية.

وهنا يحسن ذكر شيء من السيرة المطهرة وفعل صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما قابلتهم الجاهلية في قريش بكبريائها تعذب المستضعفين من المؤمنين بدون ذنب اقترفوه كما هو حال أمريكا واليهود اليوم، لا يخفاكم ما فعلوا ببلال -رضي الله عنه- وبسمية -رضي الله عنها- قتلوها دون إثم ودون ذنب لأنها تقول ربي الله وهي لم تحمل السلاح، وكذا سيُفعل بنا كما يُفعل بإخواننا اليوم إن لم نحمل السلاح، سيذبحوننا كما ذبحوا إخواننا في صبرا وشاتيلا، بل الأمر لم يعد مخفيًّا فمع هذه الهجرة الضخمة يصرِّح مسؤول في حكومة العدو مع هذه الهجرة الكبرى يقول: آن الأوان لتكوين إسرائيل الكبرى التي لا تنتهي إلا بعد أخذ تبوك وخيبر وتيما وبني قريظة في مدينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.

فنذكر كيف فعل صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمام الإجرام وغطرسة الجاهلية في ذلك الحين، كانت قريش تعذب المؤمنين والمؤمنات من غير ذنبٍ اقترفوه، ثم فرضوا على المسلمين في صلح الحديبية شرطًا أن لا يقبل المسلمون مَن أسلم مِن قريش وذهب إليهم، وهذا قمة في الظلم، فذهب أبو بصير -رضي الله عنه- إلى مدينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعد هذا الصلح وإذ برجلين من قريش يأتيان ليأخذا هذا المسلم حتى يعيدوه إلى التعذيب في مكة وإلى الأغلال والقيود، فسلّمه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – للمشركين إيفاء بالعهد وقال له: اصبر فسيجعل الله لك مخرجًا، وذهب أبو بصير -واعتبروا يا أولي الأبصار كيف ينبغي علينا أن نفعل- ذهب وهو يفكر في الطريق، هذه العصبة المسلمة قد ردته إلى قريش وقريش ستفتنه في دينه رغم أن فيهم أهله، فما رضي أن يرجع إلى ديار الكفر وما برر قعوده في ديار الكفر بأن المسلمين لم يرضوه، كلا، فما أن وصل إلى ذي الحليفة حتى أخذ سيفًا من سيفهما وقتل أحدهما وفر الآخر لأن الجاهلية لا تفهم بالحوار كما يحاولون أن يفهمونا أنه لا مجال للقتال والدماء لا بد من الحوار! وأنتم تعلمون أن المسلمين في فلسطين منذ أكثر من عشرين سنة وهم في حوار يطالبونهم في كل مرة أن يعترفوا بقرارات الأمم المتحدة وكلما اعترفوا بقرار طالبوهم بالآخر وهكذا دواليك حتى يتفاوضوا معهم، وفي النهاية تكون هذه الهجرة العظيمة الخبيثة ردًّا على التنازل وعلى ترك الجهاد في

سبيل الله، وصدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حيث يقول: “إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد سلط الله عليهم ذلًّا لا يرفعه عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم” .

نعم .. قَتَلَ أبو بصير -رضي الله عنه- هذا الذي جاء يريد أن يفتنه في دينه وذهب حتى نزل إلى العيص، هنا على ساحل البحر الأحمر بين جدة وينبع، أبى أن يرجع إلى الكفار وأعلن الجهاد في ذلك اليوم فتسامع به المستضعفون في مكة فبدؤوا واحدًا تلو الآخر يلتحقون بأبي بصير -رضي الله عنه- حتى شكلوا رهطًا.

وهل يقعدون؟ كلا، هل يبررون للقعود ما حصل لهم وقلة إمكانياتهم وضعفهم؟ كلا وألف كلا، وما قال -رضي الله عنه- ماذا أفعل تجاه الكفر وأنا رجلٌ واحد كما يقول اليوم كثير من الناس؛ ماذا نفعل تجاه الكفر، ونحن أمم، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فصدِّقوا ما دعائمُ وجود اليهود والنصارى إلا تبريراتنا للقعود عن الجهاد في سبيل الله.

وبعد أن أصبحوا رهطًا بدأ -رضي الله عنه- يشن الغارات على تجارة قريش وعلى اقتصاد قريش حتى أرهقهم وأدخل الرعب في قلوبهم، وهذه الجاهلية المتغطرسة التي أبت أن تسمح لهذا المؤمن أن يفر بدينه وأصرت على تلك العهود، تحت الضربات الاقتصادية ذهبت راغمة ذليلة تستنجد برسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يلغي ذلك الشرط ويأخذ أبو بصير -رضي الله عنه- ومن معه من الصحابة ضمن الهدنة حتى لا يقتلوا المشركين.

وهذا مبدأ الكفار، لا يفهمون إلا بالضربات الموجعة على أم رؤوسهم في اقتصادهم وفي أنفسهم، وهكذا أمريكا لن تفهم حوارًا، هذه أمم مستضعفة أكثر من خمسين إلى ستين سنة وهم يرزحون تحت الحكم الإنجليزي المستعمر ثم سُلم لليهود، وأي حرية تذكر أمريكا وهي بجبروتها ذهبت إلى أمم في الشرق في فيتنام تبعد عنها آلاف الأميال تقصفهم بالطائرات تذبحهم وتقتلهم، أي حرية هذه، وما خرج الأمريكان من فيتنام إلا بعد أن أُوجِعوا ضربًا هؤلاء الأخباث، فقُتِل منهم أكثر من ستين ألف جندي أمريكي وذهبت أموالهم وإمكانياتهم حتى ضج الشعب الأمريكي في أمريكا وخرج مظاهرات يطالب الحكومة المجرمة المستبدة أن تسحب أبناءه من فيتنام، وهكذا الحال اليوم لن يوقف الأمريكان دعمهم لليهود في فلسطين الذين يقتلون المسلمين حتى نوجعهم ضربًا وحتى نرفع راية الجهاد، فلا ينتهون حتى نجاهدهم، ولا يكف بأس الكفار إلا بالجهاد، ولا يُحق الحق إلا بالجهاد، ولا يُقطع دابر الكافرين إلا بالجهاد، ولا يُبطل الباطل إلا بالجهاد.

وذلك واضح بيّن، فنحن أمة لنا تاريخ مجيد أكثر من أربعة عشر قرنًا لم يدعنا سبحانه وتعالى هملًا بل قد أكمل لنا الدين وبعث لنا الرسول عليه الصلاة والسلام يبين لنا كيف نتصرف في مثل هذه الأحوال وبعث بعده الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين.

يقول سبحانه وتعالى مبينًا لهذا الأمر في سورة الأنفال: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} ، فإحقاق الحق بكلماته أي بأمره إياكم بالجهاد في سبيل الله.

ويقول سبحانه وتعالى للرسول عليه الصلاة والسلام مبينًا كيف يُكف بأس الكفار، يقول سبحانه: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً} .

فهذا هو السبيل يا إخوة الإسلام؛ ينبغي أن نعد أنفسنا للجهاد، وينبغي أن نتدرب على السلاح، وهذا المجال مفتوح بفضل الله في أفغانستان حتى نكون صادقين في نصرة المسلمين هناك في فلسطين.

أما إن تركنا الأمر للكلام وللحوار فلن نصل أبدًا، ستين سنة ولم نفعل شيئًا يُذكر لإخواننا.

ولكن إذا تعلمنا الجهاد وحملنا السلاح فسنُطالب وستُطالب الأمم الإسلامية وسيكون أمرًا طبيعيًّا وبديهيًّا حتى ننصر إخواننا هناك، هذا جانب.

وأما الجانب الآخر: وهو سهلٌ ميسور علينا في هذه البلاد، سهل على الرجال وعلى النساء وسهل على الأطفال أيضًا، وهو مثل الذي فعله أبو بصير -رضي الله عنه- فهؤلاء لا يفهمون إلا إذا ضربنا اقتصادهم فالمطلوب هو شن الحرب الاقتصادية على أمريكا ومقاطعتها كما يُهددون المسلمين اليوم بقطع المساعدات الاقتصادية، يهددون باكستان إن لم تتخل عن المجاهدين بقطع المساعدات الاقتصادية، وها هم قبل أسبوعين يقطعون المساعدات الاقتصادية عن دولة إسلامية هنا بجوارنا في السودان ويأمرون البنك الدولي أن يقطع مساعداته عن السودان لأنهم فتية أرادوا أن يطبقوا شريعة الله فأبى الكفر ذلك وذهب رئيسهم الأسبق كارتر -أخزاه الله- يدبر المؤامرات في جنوب السودان وما أدراك ما الخطر القادم علينا إن مكثنا هكذا لا نحمل سلاح!

في هذه البلد في هذا السودان قرنق -أخزاه الله- دُعِم دعمًا عظيمًا يبلغ عشر أضعاف إمكانيات الدولة في السودان وهو يحاول في الشرق وفي الغرب ومن الجنوب أن يمتد نفوذه، وانتبهوا جيدًا لهذا الحدث، فكأن كثيرًا منا عندما يسمع السودان وما فيها من تمرد في الجنوب يظن أن الأمر بعيد جدًّا، والأمر -ولا حول ولا قوة إلا بالله- هو ضمن مخطط عالمي خلفه أمريكا واليهود لإشغال المسلمين في أعز ما يملكون، كما تذكر الصحافة الغربية اليوم أن المسلمين قد أصابتهم نشوة وغرور بسبب انتصار إخوانهم في أفغانستان وهم يرقبون هذه الصحوة الإسلامية المباركة في جميع مشارق

العالم الإسلامي، هنا وفي الجزائر وفي فلسطين وفي اليمن وفي السودان وفي الأردن وفي معظم بلاد العالم الإسلامي يجدون أن الشباب عائدون إلى الله ويرون أن منحنى تصاعد الصحوة في ارتفاع مستمر، لذا يصرحون بنواياهم -أخزاهم الله- بغطرستهم وكبريائهم يقولون لا بد من عمل أن نعمله لهؤلاء المسلمين حتى يصابوا بالإحباط ويرجعوا إلى وضعهم السابق، والعمل هذا إذا ذكرت لكم ما يخططون لكم ستعلمون لو سقطت السودان -نرجو الله أن يُسلِّم- ما بين الشاطئ السوداني ومكة المكرمة حفظها الله أقل من 280 كيلو متر، هنا قبالة جدة بالشاطئ السوداني رأس بارز في البحر يسمى (رأس أبو شجرة) منه إلى مكة المكرمة أقل من 280 كيلو متر، أي أنه إذا سقطت السودان في يد هذا الصليبي المتعصب قرنق، فسيكون بإمكانه أن يضرب مكة -لا قدّر الله- أو أن يهددها بالصواريخ البسيطة المدى وهي ما تسمى بصواريخ (سكود) ذات المدى 280 كيلو متر.

تحت هذا الضغط الذي سيكون علينا -وهناك ضغوط علينا من الجهة الشرقية أيضًا- سينسى الناس فلسطين وسينسى الناس إخوانهم هناك وستكون الفرصة المواتية للتوسع اليهودي الإسرائيلي على حساب ما تبقى من بلاد المسلمين وهي بلاد الحرمين ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فالأمر يا إخوتي خطيرٌ جدًّا، فلا بد من الجهاد ولا يغرنّكم كثرة القاعدين عن الجهاد فما عُرِف التخلف والقعود عن الجهاد بهذا الحجم إلا في العصور المتأخرة، وأما زمن صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فما عُرِفوا إلا مجاهدين، وأبرز صفة تميزهم رضي الله عنهم، أول صفة تُذكر (شهد المشاهد كلها مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم -) ، بدري شهد بدرًا والحديبية.

فلا بد أن نحرض الأمة على الجهاد ولا بد من مقاطعة جميع البضائع الأمريكية وتحريض الأمة على ذلك، وخاصة ما أكثرها في بلادنا، فما مر عفا الله عما سلف وأما اليوم إذا قاطعنا هذه البضائع سيزداد عداؤنا لهؤلاء الكفار وستزداد البراءة منهم، لا أن يكون الحال كما هو اليوم نجد الأمريكي ولا كأنه فعل لنا شيئًا، فهم يأخذون أموالنا التي نشتري بها البضائع ويعطونها اليهود فيقتلون إخواننا ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فيا إخوة الإسلام قيسوا على أنفسكم، كيف لو أن اليهود اليوم قد دخلوا بلادنا، هل ترضون من إخوانكم في السودان أو من إخوانكم في فلسطين أن يتعاملوا مع الأمريكان في التعامل التجاري بهذا الشكل؟ وقد قال ابن حزم -رحمه الله- أنه لا يجوز التعامل مع الكافر المحارب بالبيع وغيره إذا كان هذا مما يتقوون بها على قتال المسلمين.

وإن قاطعناهم ستزداد البطالة عندهم، وسيتكلمون هم أمام حكومتهم وأمام مجلس الشيوخ يتحججون كيف تعرضون مصالحنا إلى التدهور بسبب دعمكم لليهود في فلسطين.

فهذا الذي أحببت أن أذكر نفسي وإخواني فيما يجب علينا أن نعمل تجاه إخواننا هناك، ولا تنظروا إلى أن الأمر يسير ولا تفوتوا الأمور فهذا واجب عليكم، وقد خرجت بريطانيا العظمى التي كما يقولون لا تغيب الشمس عن أراضيها، خرجت راغمة رغم أنفها من إحدى المستعمرات الكبرى لها، وهي الهند عندما بدأ الهندوسي غاندي بمقاطعة البضائع الإنجليزية فبدأ الهنود لا يلبسون أي ثوب من الثياب الإنجليزية الصنع، فبدأ يزداد العداء في قلوبهم تجاه الإنجليز وأصبح الإنجليزي إذا أراد أن يمشي في الشارع لا يستطيع من نظرات الهندوس له يكادون أن يأكلوه حتى ازداد العداء ثم أُخرِجوا بفضل الله وذهبوا خاسئين خاسرين.

وكذا ينبغي علينا اليوم وأي أمريكي نراه ينبغي علينا أن نبلغه تذمرنا وتضجرنا وكرهنا لإجرامهم هذا في فلسطين وأنهم هم أسباب هذا الإجرام، وينبغي علينا أيضًا أن نكتب إلى السفارات الأمريكية والقنصليات الأمريكية بأننا نتأذى من هذه الأفعال الإجرامية تجاه هؤلاء الأطفال وتجاه هؤلاء النساء المساكين الذين يجمعنا وإياهم دين واحد وعقيدة واحدة.

نعم يا إخوة الإسلام فقد بلغ ما بلغ كما تعلمون ووالله لم يعد يُؤبه لنا ولا يُنظر لنا إلا كالنِعاج وإلا كسقط المتاع وخيمت الذلة علينا، وإن لم ننهض اليوم بما ينبغي علينا من الجهاد فسننسى فلسطين ولا تستغربوا هذا فما هذا التخدير إلا لذلك كما قد نسينا بخارى وسمرقند وليس لها إلا ستين سنة أو ما يقاربها تركها المسلمون، ويستنكر الناس اليوم لو قمنا نتكلم أن هلموا لنجاهد في بخارى وسمرقند.

وهذا الذل مطروح حتى ممن تلتبس عليهم الأفهام، ومن ذلك قول قطري بن الفجاءة الذي يقول لنفسه عندما كان في أرض القتال:

أقول لها وقد طارت شعاعًا … من الأبطال ويحكِ لن تُراعي

فصبرًا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

وإنكِ لو طلبتِ بقاء يومٍ … على الأجل الذي لكِ لم تُطاع

وما للمرء خيرٌ في حياةٍ … إذا ما عُدّ من سقط المتاع

وهذا حالنا اليوم، والله لا خير لنا في الحياة إن لم نعبد الله سبحانه وتعالى كما أمر بالجهاد في سبيل الله، فهذا الذي أحببت أن أذكر نفسي وإخواني وأحب أن أنبه الإخوة إلى أن كثرة القاعدين وكره الجهاد هذا أمر فطري أصاب خير الناس صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وعاتبهم الله سبحانه وتعالى عتابًا كثيرًا في القرآن الكريم لأن بعضهم كره القتال ولأن بعضهم قعد عن القتاتال فمن باب أولى أن يكون اليوم كثير منا قاعدون لأن بعض الإخوة ينظرون إلى بعض آبائهم، وإلى بعض مشائخهم وإلى بعض طلاب العلم فيرونهم قد قعدوا فيقولون لو أن الجهاد أولى من القعود لذهب هؤلاء

الأفاضل، وما هكذا يُنظر إلى الحق ولا تعرف الحق بالرجال ولكن اعرف الرجال بالحق، فالله سبحانه وتعالى يقول مُبينًا ومعاتبًا في بعض الآيات لصحابة رسوله – صلى الله عليه وسلم – ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} .

ويقول سبحانه وتعالى أيضًا مبينًا الكره الذي حصل لصحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ} ، هذا خطااب لصحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فلا تقولوا قعد فلان إذن لا جهاد علينا، فيقول ابن كثير في هذه الآية: نزلت يوم بدر، كان بعض صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كارهًا لقتال العدو.

فلا يغركم كلامٌ وتأويل يقعدكم عن الجهاد، فلا عزة لهذه الأمة إلا بالجهاد.

ويقول سبحانه وتعالى حاضًّا -وكما يقول القرطبي: موبِّخًا- لبعض الصحابة -رضي الله عنهم- كيف يخشون الكفار، فالخوف يا إخواني يصيب البر والفاجر ويصيب العالم والجاهل وقد أصاب بعض صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فلا تنظروا للأمور بهذا المنظار.

يقول سبحانه وتعالى: {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ} ، فالذي يقعد قد يكون ذا عذر، وقد يكون خائفًا من الكفار، وقد يكون خائفًا على مصالحه؛ فانجُ سعد فقد هلك سعيد، فاتقوا الله يا عباد الله واذهبوا، وهذه إجازة عندكم اليوم اذهبوا وتدربوا في أفغانستان وبثوا العداء لهؤلاء الأمريكان يزداد حس الإيمان في قلوبكم وتزدادون قوة وتكاتفًا وينزل نصر الله سبحانه وتعالى علينا وعليكم إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

  • Related Posts

    محاضرة بعنوان: واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (2)

    محاضرة بعنوان: واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (2) إجابة على الأسئلة – ما هو دور الشباب بالتوضيح؟ أقول بالنسبة لنا دورنا تحريض الأمة على الجهاد والذهاب…

    السلام الذي يُفرَض على أوكرانيا ليس سلامًا، بل هزيمة خفيّة للولایات المتحدة والغرب (2)

    السلام الذي يُفرَض على أوكرانيا ليس سلامًا، بل هزيمة خفيّة للولایات المتحدة والغرب (2) لم يقترح ترامب خطته كخيار، بل فرضها على كييف بعد تهديد واضح بالتخلي عن دعم أوكرانيا…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    You Missed

    محاضرة بعنوان: واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (2)

    • من admin
    • ديسمبر 13, 2025
    • 7 views
    محاضرة بعنوان:  واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (2)

    محاضرة بعنوان: واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (1)

    • من admin
    • ديسمبر 13, 2025
    • 8 views
    محاضرة بعنوان:  واجبنا تجاه فلسطين، للشيخ أسامة بن لادن تقبله الله (1)

    السلام الذي يُفرَض على أوكرانيا ليس سلامًا، بل هزيمة خفيّة للولایات المتحدة والغرب (2)

    • من abuaamer
    • ديسمبر 13, 2025
    • 3 views
    السلام الذي يُفرَض على أوكرانيا ليس سلامًا، بل هزيمة خفيّة للولایات المتحدة والغرب (2)

    السلام الذي يفرض على أوكرانيا ليس سلاما، بل هزيمة خفية للولايات المتحدة والغرب (1)

    • من abuaamer
    • ديسمبر 13, 2025
    • 3 views
    السلام الذي يفرض على أوكرانيا ليس سلاما، بل هزيمة خفية للولايات المتحدة والغرب (1)

    الإيمان بالشريعة من منظور سيّد قطب تقبّله الله: هل يسود الإسلام أم الجاهلية على سوريا الجولاني اليوم؟ (3)

    • من abuaamer
    • ديسمبر 13, 2025
    • 6 views
    الإيمان بالشريعة من منظور سيّد قطب تقبّله الله: هل يسود الإسلام أم الجاهلية على سوريا الجولاني اليوم؟ (3)

    الإيمان بالشريعة من منظور سيّد قطب تقبّله الله: هل يسود الإسلام أم الجاهلية على سوريا الجولاني اليوم؟ (2)

    • من abuaamer
    • ديسمبر 12, 2025
    • 8 views
    الإيمان بالشريعة من منظور سيّد قطب تقبّله الله: هل يسود الإسلام أم الجاهلية على سوريا الجولاني اليوم؟ (2)