السلام الذي يفرض على أوكرانيا ليس سلاما، بل هزيمة خفية للولایات المتحدة والغرب (3)
خطة ترامب لأوكرانيا. يكون اسمها مقيت كأنها خطته وهو الذي يحدد مصير أوكرانيا بالضبط. أليس كذلك؟ يقرر ترامب ويؤكد بوتين تتحمل أوكرانيا بينما تعجز أوروبا وتشاهد. ليست هذه الخطة معاهدة سلام بل هي ديكتاتورية وفرض استسلام قسري على بلد يناضل من أجل بقائه وهل يحق لنا أن نجرؤ على تسميتها واقعية أو عملية؟ لا. هذا جبن دون اي مجاملة. إننا نترك أوكرانيا لأن ذلك أسهل بحيث تكون مواصلة دعمها مكلفة ولأن شعوبنا متعبة وقادتنا يفتقرون إلى الشجاعة. لذا نخفي الخيانة خلف الدبلوماسية ونخفي الهزيمة خلف التطبيع ونأمل أن يكون التاريخ رحيماً ولكنه لن يكون كذلك إذ يقضي التاريخ بقسوة على هذا الجيل من القادة الغربيين الذين فضلوا الراحة على الشجاعة وخدعوا حلفاءهم بدلا من الوفاء بوعودهم وضحوا بمبادئهم في مذبحة الاستغلال السياسي.
إذن، فإن انتصار أوكرانيا ليس ممكنا فحسب، بل هو محتمل إذا قدم الغرب الدعم اللازم خلافا للخطاب المتشائم الذي يسيطر على النقاشات الغربية. لقد أظهرت أوكرانيا من قبل قدرتها على هزيمة الجيش الروسي في الميدان وصدت الهجوم الأول على كييف وحررت خاركيف وخيرسون وألحقت أضرارا كبيرة بالقوات الروسية وكان جيش أوكرانيا مدرباً ومزوداً تدريجيا بأسلحة غربية حديثة.
يعاني الجيش الروسي رغم التفوق العددي من مشاكل مزمنة في المعنويات والقيادة والدعم والفساد إذ خسر أفضل وحداته في المعارك والقوات الجديدة تفتقر إلى التدريب والتجهيزات وتواجه روسيا مشاكل متزايدة في استبدال المعدات المفقودة خاصة في أنظمة التسليح المعقدة التي تعتمد على مكونات غربية ولا تستطيع الحصول عليها بسبب العقوبات.
قدم الغرب لأوكرانيا الأسلحة اللازمة خاصة الطائرات والصواريخ بعيدة المدى ونظم الدفاع الجوي،. فإن أوكرانيا لن تقف عند إيقاف تقدم روسيا فحسب، بل ستحرر المناطق المحتلة أيضا. ليس مفتاح انتصار أوكرانيا عسكريا فحسب، بل يكون اقتصاديا وسياسيا أيضا. أصاب ضغط متزايد الاقتصاد الروسي رغم المناورة الظاهرية وأثرت العقوبات الغربية تأثيراً تراكمياأ يزداد بمرور الوقت.
أضعف هروب الموارد البشرية وعالزلة التكنولوجيية وخسارة الأسواق الغربية قدرة روسيا على مواصلة حرب طويلة الأمد وتبدو حكومة بوتين من ناحية السياسة أضعف مما تبدو وكشفت ثورة بريغوجين في يونيو 2023 شقاقا بين النخبة والجيش الروسي.
تثير الخسائر الواسعة في أوكرانيا وإن كبتت ولم يمكن إبرازها علانية، سخطا متزايدا في المجتمع الروسي ويرى الشعب هزيمة عسكرية واضحة في أوكرانيا قد تنجب أزمة سياسية في روسيا تؤدي إلى إسقاط بوتين وقلب النظام. هذه الآفاق هي بالضبط ما يخشاه الكريملين ويفسر سبب سعي موسكو إلى سلام مفاوض بهذا الحد قبل أن تتفاقم الظروف.
الكاتب: أبو عامر (خالد الحموي)




