السلام الذي يفرض على أوكرانيا ليس سلاما، بل هزيمة خفية للولايات المتحدة والغرب (4)
يركز الذين يعارضون مواصلة الدعم لأوكرانيا على تكلفة المساعدات العسكرية والمالية التي تصل إلى عشرات المليارات ولكنهم يتجاهلون التكلفة الأعلى بكثير لترك أوكرانيا. تشمل هذه التكلفة إعادة بناء أوكرانيا المشلولة وإعادة تسليح واسع في أوروبا أمام روسيا المنتصرة وإدارة أزمة اللاجئين المستمرة والنتائج الاقتصادية لنقص الطاقة وتكلفة الحروب المستقبلية التي تشجعها تركنا وفي النهاية تكلفة الحرب العالمية الثالثة التي يجعل ضعفنا احتمالها أكبر.
عندما تُجمع كل هذه التكاليف يتضح أن دعم أوكرانيا حتى النصر ليس صحيحا أخلاقيا فقط، بل يكون منطقياً من حيث الاقتصاد أيضا. إنها أكثر الاستثمارات ربحية يمكن للغرب أن يقوم بها لأمنه. سوف يوفر كل دولار يُنفق اليوم لمساعدة أوكرانيا لهزيمة روسيا لنا مئات الدولارات في الدفاع أمام روسيا المنتصرة المتغطرسة مستقبلا.
عندما أسمع السياسيين يشتكون من تكلفة مساعدة أوكرانيا أتساءل هل يعرفون الحساب؟ أم قد يعرفون الحساب ولكنهم يفضلون تجاهل التكاليف المستقبلية لأنهم لا يكونون في السلطة حين يُضطرون لدفعها؟ هذا التجاهل جريمة. لدينا خيار، إما ندفع الآن من أجل الانتصار أو ندفع لاحقا أضعافاً مضاعفة من أجل هزيمتنا. يجب أن يكون الخيار واضحا.
يجب على الغرب اتخاذ عدة خطوات حاسمة لضمان انتصار أوكرانيا:
الأول: تزويد أوكرانيا بكل الأسلحة التي تحتاجها بدون قيود مصطنعة على استخدامها، ما يشمل الطائرات الحديثة والصواريخ بعيدة المدى وأنظمة الدفاع الجوي المتطورة والذخيرة الكافية.
الثاني: تشديد العقوبات على روسيا بشدة خاصة قطاع الطاقة الذي يمول آلة الحرب الروسية وإغلاق كل الثغرات التي تتيح لموسكو التحايل على العقوبات.
الثالث: تقديم دعم مالي واسع لأوكرانيا لدعم اقتصادها وخدماتها العامة حتى تتمكن من الصمود مهما طال الوقت.
الرابع: عزل روسيا دبلوماسيا بإقناع الدول المحايدة أو المترددة بإدانة العدوان والانضمام إلى العقوبات.
الخامس: وضع خطة لإعادة إعمار أوكرانيا تُنفذ بعد انتصارها، تشمل دمجها السريع في الاتحاد الأوروبي والنيتو لضمان أمنها المستقبلي.
هذه الخطة طموحة ولكنها عملية وتكلفتها أقل بكثير من عواقب ترك أوكرانيا.
الكاتب: أبو عامر (خالد الحموي)




