من كابُل بالأمس إلى دمشق فی اليوم؛ مقارنة بين العملاء في أفغانستان وسوريا
نرى نقطة مشتركة وخطرة بعد أن انهار النظام الشيوعي في أفغانستان في السبعينيات والنظام الاشتراكي في سوريا اليوم أي انتقلت الساحة السلطوية إلى أحزاب وجماعات اعتمدت على الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الخارجية المتحالفة معها وأدخلت البلاد في كارثة للوصول إلى السلطة بدل الميل إلى الاستقلال والوحدة
1. أفغانستان بعد نجيب الله؛ بداية كارثة خلافات المجاهدين
توجهت الأحزاب الجهادية خاصة حزب إسلامي حكمتيار، وجماعة إسلامي رباني ومسعود في أفغانستان بعد سقوط نظام نجيب الله بدل إلى التنافس السلطوي والاعتماد الخارجي بدل أن تقيم حكومة مستقلة. استخدمت الأحزاب الإسلامية من تبقى من الأحزاب الشيوعية للقفز على السلطة. فاشتعلت الحرب الأهلية ودُمِّرت كابُل وسيطرت السعودية وباكستان وأمريكا وأوزبكستان وطاجيكستان على جانب من هذه الحرب. فأصبحت أفغانستان في النهاية كلها رهينة الأحزاب العميلة وكانت النتيجة عقد من الدمار وسفك الدماء والتبعية المطلقة للولايات المتحدة الأمريكية وشركائها الغربيين.
2. سوريا اليوم وإعادة نفس الخريطة ولكنها أكثر تعقيدًا
دخلت سوريا بعد الحرب الأهلية وإضعاف نظام الأسد مرحلة تشبه بشكل غريب ما شاهدته أفغانستان في السبعينيات ولكنها تكون بتعقيد وخطر بثلاثة أضعاف. تنقسم سوريا اليوم إلى ثلاثة أجزاء أساسية:
أ) مناطق قسد أي الأكراد والعرب الشيوعيين المتحالفين مع الولايات المتحدة الذين يحتلون منطقة واسعة في الشرق بدعم مباشر أمريكي وينفذون سياسة واشنطن.
ب) مناطق جبهة تحرير الشام وأحمد الشرع والتي تعرف بالحكومة السورية.
تحالفت جماعة كانت تصف نفسها بجماعة جهادية تحالفت اليوم مع تركيا وتنسق بشكل غير مباشر مع الولايات المتحدة وتسلك الطريق الذي سلكته الأحزاب الأفغانية بعد نجيب الله وتتحول من شعار الدين والجهاد إلى احتضان الولايات المتحدة والقوى الخارجية.
ج) مناطق الجيش الحر التابع لتركيا والولايات المتحدة وهذا الجزء مكوَّن من فلول نظام البعث؛ ما يشبه ما فعلته أحزاب المجاهدين الأفغان بعد نجيب الله مع الشيوعيين.
د) الاحتلال الإسرائيلي. تحتل إسرائيل اليوم مناطق سورية بشكل رسمي خلافًا لأفغانستان،. هذا يعني أن الظروف المعقدة ووالأخطار في سوريا تفوق تفوف ظروف أفغانستان.
يمكن اعتبار هذه النقطة كاختلاف رئيسي. لم تشهد أفغانستان بعد تدمير حكومة نجيب الله احتلالا خارجيا ولكن سوريا تنقسم إلى ثلاث مناطق. شهدت أفغانستان بعد نجيب الله حرباً أهلية ولكن الدول الأجنبية لم تدخل أفغانستان.
سوريا اليوم:تكون منطقة الأكراد تحت قيادة الجيش الأمريكي مباشرة وتكون منطقة HTS (الجولاني) بمركزية دمشق تحت الإدارة الأمنية التركية مع ما ترسمه أمريكا وشركاؤه وتكون منطقة الجيش الحر تحت إدارة أمريكا وتركيا وتكون المنقطة الأخرى تحت احتلال رسمي إسرائيلي.
أي دولة تنقسم إلى ثلاثة أجزاء؟ ولكن المناكق الثلاث تكون تحت ظل سيد واحد: أي الولايات المتحدة الأمريكية والفرق الوحيد هو أن الولايات المتحدة تستخدم كل منطقة لتنفيذ “أغراضها الخاصة” كما أن أفغانستان مع مجيء الملا محمد عمر رحمه الله وإقامة الإمارة الإسلامية أنهت هذه الحالة المزرية، فتحتاج سوريا أيضًا إلى قائد مجاهد مخلص يواصل الجهاد ويطرد المحتلين وعملاءهم وإلا يجب أن ننتظر كوارث أكبر من أفغانستان في زمن الأحزاب بعد نجيب الله.
الكاتب: المولوي نور أحمد الفراهي




