
مناظرة بين أبي محمد الجولاني وأحمد الشرع
إحدى القلاع الجبلية في الشام، حيث يغطي الضباب المكان. يجلس أحمد الشرع على كرسي إداري مرتديًا بدلة أنيقة وربطة عنق معدّلة بعناية. يقف أمامه أبو محمد الجولاني بملابس القتال وسيفه معلق على خصره وملامحه صارمة.
—
أبو محمد الجولاني: (بغضب) أحمد! ما هذا الذي تقوم به؟! أنسيت القدس؟ أين الشريعة؟ أين تلك الأيام التي كنا نخطط فيها في الكهوف للجهاد ضد الكفار؟ ماذا حدث لها؟
أحمد الشرع: (بابتسامة زائفة) يا أبا محمد، العالم قد تغير يا أخي! لم يعد بالإمكان إدارة العالم بالسيف. السياسة والحوار والديمقراطية هي أدواتنا الآن. لم يعد هناك حاجة لفرض الشريعة بالقوة. العلمانية هي الحل للخلاص!
أبو محمد الجولاني: (يضيق عينيه بغضب) العلمانية؟! أليست هي ما كنت تسميه الفتنة؟ ألم تكن تقول إن الحكم لا يكون إلا بشريعة الله؟ أين تلك العهود التي كنت تقسم بها أنك ستقف حتى آخر نفس لتطبيق حدود الله؟
أحمد الشرع: (بحكمة زائفة) يا صديقي، ذلك كان زمن العواطف. الآن نحن في عصر العقلانية. أهل الشام بحاجة إلى الحرية، وليس السياط! أما بالنسبة لإسرائيل… (يتوقف قليلاً ويبتلع ريقه) من الأفضل أن نطبع علاقاتنا معها. العالم يتقدم، ونحن يجب أن نتقدم معه.
أبو محمد الجولاني: (بغضب أشد) تطبيع العلاقات؟! مع من؟ مع المحتل؟ مع قاتل النساء والأطفال؟ أحمد، أين قولك السابق عن الشريعة؟ وماذا عن قوله تعالى: “وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً”؟ هل قبّلت الآيات ووضعتها جانبًا مع ربطة عنقك؟!
أحمد الشرع: (يتنفس بعمق) يا أخي العزيز، أنت ما زلت تعيش في الماضي. السياسة تقول اليوم: إذا لم تستطع هزيمة عدوك، تصالح معه. نحن بحاجة إلى بناء اقتصادنا. الناس يريدون الخبز وليس الجهاد.
أبو محمد الجولاني: (بابتسامة ساخرة) الناس يريدون الخبز؟ أم أنك أنت من تريد السلطة؟ أحمد، كنت تقول: “إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ”. فما نيتك الآن؟ العلمانية والتطبيع؟ بفعلك هذا تبيع إيمان الناس ببضعة دولارات!
أحمد الشرع: (مدافعًا عن نفسه) أنا لا أبيع الإيمان! أنا أشتري المستقبل. إذا لم نتعامل مع العالم الآن، سنُدفن غدًا في قبور النسيان.
أبو محمد الجولاني: (بصوت أشد) قبور النسيان؟ أم قبر الكرامة والشرف؟ أتذكر قوله تعالى: “قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا”؟ فكيف تزكي نفسك الآن؟ بالتطبيع مع الكفار؟
أحمد الشرع: (ينهض ويضرب الطاولة بيده) كفى يا أبا محمد! العالم لم يعد يُدار بالسيوف. أنا مؤمن بطريقي.
أبو محمد الجولاني: (يفك سيفه ببطء ويضعه على الطاولة) وأنا مؤمن بطريق الله. ولكن تذكر يا أحمد الشرع، أن الله قال في كتابه: “وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ”.
أحمد الشرع: (بصوت هادئ) اعلم يا أبا محمد، أن التاريخ سيحكم علينا. ربما أكون مخطئًا، وربما تكون أنت كذلك. لكنني أريد أن أحافظ على حياة الشام، حتى لو كنتَ تراني خائنًا.
أبو محمد الجولاني: (بصوت ملؤه الألم واليأس) قد يحكم التاريخ، ولكن ستُسأل يوم القيامة عن كل ما فعلت. والسلام.
کاتب: إبن التیمیة