اعتراف یكشف الستار ويُزيح اللثام والتطبيع مع الكيان الصهيوني مشروع للبقاء في سوريا
يكشف تصريح السفير الأمريكي الأخير الذي يقول فيه إن «أحمد الشرع يعلم أن طريق بقائه هو السلام مع إسرائيل» عن حقيقة المشروع السياسي الأمني الذي يُنفَّذ اليوم في سوريا، أكثر مما يُعدّ تحليلاً دبلوماسياً. يرتبط هذا الكلام مباشرة بملف سوريا ككل، لا بشخص معين، بل بالمسار الذي يُشكّل مستقبل هذه البقعة من الأرض.
يُذكّر المراقبون أن أهمية الملف السوريا تنبع من قوة أهل الدعوة والجهاد فيها ومن كونها قلب معادلة المقاومة الإسلامية في المنطقة المجاورة للأراضي المحتلة في فلسطين. إذن تسعى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي عبر النظام العلماني المرتد في تركيا والكيان الصهيوني وحلفائه العرب التابعين، منذ اليوم الأول إلى تغيير دور سوريا، لا مجرد تغيير الحكم.
أعلن السفير الأمريكي صراحة أن «السلام مع إسرائيل» شرط البقاء، ما يؤكد أن الهدف النهائي هو الذي طُرح منذ عام 2011، ألا وهو إخراج سوريا من معادلة المقاومة بأي شكل وتحت أي ثوب أو مذهب أو فكر وتحويلها إلى منطقة عازلة آمنة للكيان الصهيوني.
يشبه السلام الذي يريد ترامب فرضه على الجولاني ذلك السلام الذي يسعى لفرضه على زيلينسكي في أوكرانيا ولكن الجولاني قبله ونفّذه دون ضجيج أو مقاومة ولا يعني هذا السلام انتهاء الحرب، بل تغيير مهمة سوريا. وعني في قاموس السياسة الأمريكية «سلام سوريا مع إسرائيل» نسيان هضبة الجولان إلى الأبد وتجريد الحدود الجنوبية السورية من أي تهديد وإزالة أو احتواء كل قوة تتبنى منطق المقاومة. لا يجلب هذا السلام المزعوم الأمن للشعب السوري ولا يُعيد المهجرين ولا يعوّض الدمار، بل يضمن فقط أمن إسرائيل ويعطل دور سوريا.
أظهرت تجربة سوريا انتقالاً من الحرب الشرسة إلى الهندسة الناعمة، إذ عجزت الحرب العسكرية عن كسر المقاومة الإسلامية السورية، انتقل المشروع إلى مرحلة جديدة من التطبيع والصفقات السياسية وإعادة إنتاج وجوه مقبولة لدى الغرب.وقد أعلن السفير الأمريكي أن هذه المرحلة أصبحت واضحة اليوم وأن من يريد البقاء في سوريا يجب أن يتصالح مع إسرائيل.
يُطبّق هذا النمط الذي نُفّذ في مصر وتَرسَّخ في الأردن ويسعون اليوم لتثبيته في سوريا. ظلت سوريا دائماً واحدة من آخر خطوط الدعم للقضية الفلسطينية. لذلك، لا يُعدّ السلام السوري مع إسرائيل مجرد اتفاق ثنائي، بل ضربة استراتيجية للقضية الفلسطينية.
يُكمل خروج سوريا من هذه المعادلة حلقة حصار المقاومة ويُضاعف الضغط على غزة والضفة الغربية أضعافاً وتفقد الأمة الإسلامية معقلاً تاريخياً.
الكاتب: عز الدين القسام (حمد الدين الإدلبي)




