
بسم الله الرحمن الرحيم
انتصار حماس: علامة على وعد الله للمؤمنين ونموذج للجهاد الحقيقي
إن انتصار حماس الأخير في المعركة ضد المحتلين الصهاينة والإمبريالية العالمية ليس فقط منعطفاً تاريخ نضال الأمة الإسلامية، بل هو أيضا نموذج للجهاد الحقيقي والمقاومة الإلهية التي يجب على المؤمنين أن يتعلموا منها ويثقوا بها. أثبت هذا الانتصار أنه إذا خرج المسلمون إلى الميدان بمثابرة ووحدة وثقة في الله، فلن تتمكن أي قوة حتى الإمبراطوريات العالمية، من مواجهة إرادتهم الإلهية.
وعد الله للمؤمنين
لقد وعدنا القرآن الكريم بأن النصر للمؤمنين شريطة أن يسلكوا درب الإيمان والتوكل بالله. يقول الله: «إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» (محمد: ۷).
إن انتصار حماس في غزة هو تعبير واضح عن هذا الوعد. لقد وقف الشعب الفلسطيني الأعزل بقلوب مفعمة بالإيمان في وجه جيش يدعي أنه يمتلك أحدث المعدات العسكرية وأذهل العالم. أظهرت هذه المقاومة أن القوة الحقيقية ليست في السلاح، بل في قلوب المؤمنين الذين يتوكلون بالله.
فصل الجهاد الحقيقي عن التطبيع والانحراف
كما رفع هذا الانتصار قناع المنافقين المحتالين. بعض التيارات مثل تيار الجولاني وأردوغان، تدفع المسلمين إلى التطبيع والخضوع للأعداء بدل أن تواجه الكفار وهذه التيارت تخفي وجهها وراء شعارات إسلامية. «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ» (هود:۱۱۳)
الجهاد: وسيلة لتحقيق العدالة الإلهية
الجهاد في الإسلام ليس أداة للظلم والاعتداء، بل هو وسيلة لإزالة العقبات أمام الدعوة وتحقيق العدالة الإلهية. وكما يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله في تفسيره، فإن غاية الإسلام هي خلق مجتمع لا توجد فيه عوائق أمام نشر رسالة الحق:
“يستمر الجهاد حتى يوم القيامة لإزالة كل العقبات أمام نشر الدعوة وإقامة منهج الله على الأرض”.
لم تدافع حماس بمقاومتها عن الشعب الفلسطيني فحسب، بل مهدت الطريق لنشر رسالة الإسلام وأثبتت أن الدين الإلهي قادر على الوقوف في وجه أعظم القوى المادية.
بشرى سارة لأمة الإسلام
يذكرنا هذا الانتصار بمعجزات مثل عبور بني إسرائيل للبحر الأحمر، الذين فتحوا الطريق للخلاص في لحظة حرجة: “فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ” (الشعراء: ۶۳).
هذه الأحداث التاريخية هي نموذج للمؤمنين للأمل في رحمة الله في اللحظات الصعبة وعدم التراجع عن طريق الحق.
مسؤولية الأمة بعد النصر
إن الانتصار في غزة هو نقطة الانطلاق لمسؤوليات كبرى. وتشمل هذه المسؤوليات تعزيز وحدة الأمة الإسلامية وتعزيز ثقافة الجهاد والمقاومة، وفضح مؤامرات الأعداء والمنافقين. إذا كانت هذه الانتصارات تؤدي إلى تعزيز إيمان الأمة ووحدتها، فإن الوعد الإلهي سوف يتحقق. يقول الله تعالى: “هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ” (الصف: ۹).
النتيجة
إن انتصار حماس يدل على قوة الإيمان وتأثير المثابرة. يجب أن يلهم هذا النموذج جميع الجماعات الجهادية والإسلامية على معرفة أن السبيل الوحيد للنصر هو التوكل بالله ووحدة الأمة ومواجهة الظلم والغطرسة. وأي تطبيع أو انحراف عن هذا الطريق هو خيانة لدماء الشهداء والقيم الإسلامية. هذا الانتصار هو فأل خير لتحرير القدس وهيمنة الأمة الإسلامية على العالم، شريطة أن نستمر ثابتين في طريق الحق.
الكاتب: أبو أنس الشامي